في شهر شباط /فبراير الماضي،أعلنت الشركة الدولية القابضةللاسثتمارات الإعلامية،التي تعدّ أحد الأذرع الإعلامية الكبيرة لحكام الإمارات،عن تعيين نائب رئيس قناة الحرّة الأمريكية، نارت بوران( الأردني/ الشركسي)،رئيساً تنفيذياً لها،وذلك في محاولة جديدة لانتشال المشاريع،التي تمتلكها الشركة من حالة الفشل، ودفعها إلى الواجهة في محاولة لمنافسة امبرطورية قطر الإعلامية.
وعلى الرغم من أن الشركة الإماراتية ،تمتلك عددا كبيراً من الأدوات الإعلامية، مثل: قناة سكاي نيوز العربية، و صحيفة “ذا ناشونال” الناطقة باللغة الإنجليزية، إضافة إلى مشاريع متفرّقة، مثل،صحيفة “الرؤية” الإماراتية،لكنها فشلت في منافسة مشاريع قطر الإعلامية ،مثل: قناة الجزيرة ،وصحيفة “ميدل إيست آي” الصادرة في بريطانيا.
وقد جاءت الاستعانة بالإعلامي الأردني ،نارت بوران، مرّة أخرى، الذي شغل منصب الرئيس التنفيذي لقناة سكاي نيوز العربية، من عام 2011 حتى عام 2017، غريباً بعض الشيء، خصوصاً أن بوران كان قد فشل سابقاً في تحقيق أي إضافة تذكر للقناة، إذ لم تنجح في منافسة قناة الجزيرة ،أو حتى القنوات المحلية الأخرى،وبقي عدد مشاهديها قليلاً، قياساً بالإمكانيات المرصودة لها.
لكن هذه الغرابة ،سرعان مازالت، بعدما تبيّن أن استقطاب بوران من قناة الحرّة، لم يكن سوى البداية لمسلسل الاستقطابات،الذي ستبدأه الشركة،التي رصدت ميزانية ضخمة جداً، لإعادة إنعاش القناة مرّة أخرى.فبعد أيام قليلة على إعلان الشركة عن إحضار بوران، أعلنت (سكاي نيوز) عن استقطاب رئيس تحرير قناة فرانس 24، الإعلامي يوسف تسوري،مديراً للأخبار، ابتداء من شهر آذار/ مارس، موكلة إليه مسؤولية الإشراف على المحتوى والاستراتيجية التحريرية لغرفة الأخبار في (سكاي نيوز عربية).
وإضافة إلى تسوري،أعلنت القناة استقطاب مقدّمة الأخبار اللبنانية على قناة “العربية، كريستيان بيسري، والإعلامية السعودية مها عبدالله.
وفي شهر حزيران / يونيو من العام الحالي،التحق الإعلامي اللبناني المعروف، نديم قطيش، بركب المنتقلين من قناة العربية، من أجل تقديم برنامج جديد على قناة سكاي نيوز اسمه “الليلة مع نديم”.
وعقب انتقال نديم قطيش، انتقلت عدوى الهجرة نحو (سكاي نيوز) من قناة العربية إلى قناة الحرّة، إذ قامت سكاي نيوز بتوسيع مكتبها في واشنطن، واستقطاب الإعلامي السوداني أبو بكر أحمد، إلى جانب جو تابت ،مراسل الحرّة من البنتاغون،وبعض المذيعين والمراسلين والصحافيين،الذين التحقواب(سكاي نيوز)،وتركوا الحرّةالأمريكية، مثل الإعلامية المغربية أمينة سريري.
وبعد انتهاء القناة الإماراتية، من مسلسل الاستقطابات،قامت القناة مطلع الشهر الماضي،بتدشين ما أسمته الانطلاقة الجديدة، إذ قامت مطلع الشهر بإطلاق سلسلة برامج جديدة، من بينها برنامج أسبوعي جديد “مع جيزال”، الذي تقدّمه الإعلامية اللبنانية جيزال خوري، بعد أن انتقلت من محطة “بي بي سي” العربية.
وإلى جانب برنامجي خوري وقطيش،قامت القناة بإطلاق برامج تحقيقات ووثائقيات، إضافة إلى تغطية خاصة لمصر والرياض .
ولم تغفل القناة الأهمية الكبيرة لمواقع التواصل الاجتماعي، إذ أعلنت عن بث متزامن عبر المنصّات الرقمية، كما قامت بوضع عدد من البرامج التفاعلية، مثل برنامج منصّات.
استنساخ التجارب الناجحة
الاستقطابات التي قامت بها قناة(سكاي نيوز عربية)، خلال الأشهر الماضية، والبرامج التي أطلقتها القناة خلال الفترة ذاتها،لم تعتمد على التجديد،وجذب الأسماء المعروفة في عالم الإعلام فحسب، بل قامت علىفكرة تقليد واستنساخ التجارب الناجحة في القنوات الأخرى.
فمثلاً،برنامج “منصّات”،الذي تم إطلاقه قبل عدة أشهر، كان عبارة عن تقليد واضح لبرنامج “بي بي سي ترندينغ” ،الذي يقدمه الإعلامي السوري أحمد الفاخوري، بل إن التقليد وصل مرحلة أن مقدّم برنامج منصّات على (قناة سكاي نيوز)، يقوم بتقليد صوت وأداء الفاخوري، بشكل أدى إلى استياء الكثير من متابعي القناة.
كما قامت القناة، باستقطاب الإعلامي اللبناني نديم قطيش، ليقدّم برنامجاً مشابهاً لبرنامجه “DNA”،الذي كان يقدّمه على قناتي العربية والمستقبل، مستغلة شعبية قطيش، ومستنسخة فكرة البرامج الساخرة ،التي انتشرت في العديد من القنوات العربية.
إضافة لذلك،قامت القناة بإطلاق برنامج أسبوعي جديد، اسمه ” مع جيزال” ،تقدّمه الإعلامية اللبنانية جيزال خوري، وهو نسخة مشابهة تماماً للبرنامج الذي كانت تقدمه خوري على قناة “بي بي سي” ،تحت اسم “المشهد”، إذ تقوم فكرة البرنامج على استضافة شخصيات سياسية معروفة في العالم العربي .
هوس القناة باستنساخ البرامج الناجحة، دفعها إلى استنساخ برنامج “الاتجاه المعاكس”،الذي يعرض على قناة الجزيرة، إذ أطلقت القناة قبل سنوات برنامجاً يحاكي نفس الفكرة، تحت مسمّى “نيران صديقة”،ولكن البرنامج لم ينجح، بسبب تخوّف القناة من استضافة الآراء المناهضة للمشروع الإماراتي،مما حوّل البرنامج ،إلى نسخة حوارية مملّة شبيهة بما يعرض على القنوات الآخرى.
كذلك قامت القناة ،بتفعيل برنامج وثائقيات، الذي تم إطلاقه قبل عدة أعوام، ليصبح برنامجاً شهرياً ،يحاكي فكرة البرنامج الوثائقي “ما خفي أعظم” ،الذي يعرض على قناة الجزيرة.
سياسة تحرير جديدة
كل هذه التغييرات والاستقطابات ،لا تهدف فقط إلى إنجاح قناة “سكاي نيوز” وانتشالها من حالة الفشل،التي عانت منها لأعوام عديدة، بل تهدف أيضاً إلى إطلاق نسخة أكثر شراسة لمواجهة الإعلام القطري ،وتنظيمات الإسلام السياسي.
وقد تجلّت هذه الشراسة،منذ اليوم الأول لإطلاق النسخة الجديدة، إذ يمكن أن نلاحظ ببساطة ،أن أغلب موضوعات البرامج الجديدة، تركّز على الهجوم على تركيا والإخوان المسلمين.
فمثلاً، الحلقة الأولى ،لبرنامج نديم قطيش ،كانت عمّا يسمّى” الترويج الكاذب ” لحركة النهضة التونسية، والتدخّل التركي في المنطقة، أما برنامج وثائقيات ،فقد عرض حلقة عن مخطّط أوباما، لتسليم الحكم للإخوان المسلمين ،والقضاء على الأنظمة العربية.
كما لم تخل البرامج الجديدة من الترويج الفاضح والممجوج للتطبيع الإماراتي مع الكيان الصهيوني، فقد كان موضوع (الحلقة الأولى) من برنامج “جيزال”،استضافة الأمين العام للجامعة العربية أحمد أو الغيط، الذي أشاد بالاتفاق الإماراتي مع الكيان الصهيوني،وأكّد على أهمية الدور الإماراتي في وقف مخططات الضم.
وعلى الرغم من، أن النسخة التحريرية الجديدة لقناة “سكاي نيوز” لم تختلف كثيراً عن النسخة القديمة، لكن النسخة الجديدة، تخلّت عن رزانة الطرح، وباتت تتسم بوقاحة فجّة، وشتم علني لقطر، وهو أمر لم تفعله حتى أسوأ النسخ في قناة العربية السعودية.
ويبدو أن الوقاحة الفجّة، أصبحت أحد العناوين السياسية الجديدة في دولة الإمارات العربية، التي بدأت سياستها في الآونة الأخيرة ،تأخذ منحىً جنونياً ومتطرّفا، يعكس الحالة الصعبة التي يعيشها حكام هذه الدولة.