*الخوالدة:القرار رجّح المصالح على المفاسد.
*عسّاف:طويت صفحة التدافع بعد صدور القرار.
*الدويك:لن أخالف ضميري،وأكون مفصوماَ مع ذاتي !
أثار إعلان حزب جبهة العمل الإسلامي،عصر يوم الإثنين، 20/9/2020،عن قرار مجلس الشورى بالمشاركة في الانتخابات النيابية الأردنيّة ، المزمع عقدها ،يوم الثلاثاء 10/11/2020 ،ردود فعل متابينة داخل الحركة الإسلامية وخارجها. وهذا التقريرالإخباري،يرصد ردود الفعل الداخلية، والتي نبدأها ب” تيّار الصقور، الذي كان معارضا بشراسة للمشاركة، وكان يدعو صراحة إلى المقاطعة، إذ عبّر بعض أقطابه عن عدم ارتياحهم للقرار ، ومعارضتهم له، ولكنُهم أكّدوا على التزامهم بمقتضياته، والعمل على إنجاحه. أحد هؤلاء، ثابت عسّاف، منسّق الشباب في ( تيّار الصقور )، والذي يشغل منصب أمين سرالحزب، إذ كتب معبّرا عن رأيه على صفحته في ” الفيس بوك “، قائلا :
(شهدت أروقة الحركة الإسلامية، تدافعا شديدا، سبق اتخاذ قرار الموقف من الانتخابات القادمة، وكان هناك رأيان، وازنان كبيران، ثقيلان، معتبران، متقاربان في الحجم ،للتفضيل بين خيارين مكلفين، والبحث عن أقلهما كلفة،كل ذلك قبل إعلان النتائج الخاصة بالتصويت على الموقف والقرار، وقام كل واحد منّا بما يمليه علينا الواجب أمام الله تعالى، من طرح ما نؤمن به مصلحة ،ودافعنا عنه بكل ما أوتينا من جهد، ضمن الأطر الخاصة بذلك فقط ،داخل أروقة المجالس القيادية والشورية، وبالتزامن كان العمل الميداني للتجهيز والإعداد، ففي موقع الرأي نطرح الرأي،ونركّز على معان نخاف من أن تضيع وتنسى، وفي موضع العمل، نقوم بالواجب التنفيذي في التجهيز والإعداد…لم يكن موقفي الشخصي سرا، ولم يكن تقديري ولا قناعاتي في ضرورة المقاطعة والتنظير والتأطير لها، وحمل لوائها، والدفع نحوها وقيادة مشروعها، خفي على أحد، ولكن في موضعه ووقته ،وها أنا أقول إنّه، وما أن يصدر القرار ،تكون قد طويت صفحة التدافع في اتخاذ القرار، وأصبح الواجب استفراغ الجهد ،في إنجاح القرار الشوري،مهما توافق أو اختلف مع وجهة نظرنا الشخصية المسبقة ،مؤمنين بأن الله تعالى سيختار الخير لدعوته ان شاء الله تعالى، وهذا هو المعنى العملي للشورى…المقاطعة والمشاركة وسيلتان، لا يجوز اختزال المشروع العظيم للحركة بهما ، ولا يجوز التوقّف عند المشاركة وحدها، كمشروع وحيد ينسينا غاية الوجود،ولا يجوز أن يكون هذا التقدير سببا في أن نكشف ظهور بعضنا كإصلاحيين ونشطاء …ربّما لو كنت وحدي، لانتفضت على هذا الواقع، لكن عملي الجماعي ، وإيماني بضرورته، وضرائبه،ونتائجه العظيمةبالمقابل ،وبتقدير الله تعالى الأنفع للعمل الشوري ، وإيماني بالشورى والاحتكام لها ،، لكل هذه الأسباب وليس فقط بسبب موقعي القيادي والتنفيذي في قيادة الحزب، أمينا للسر العام وناطقا اعلاميا، وأمينا للسر في اللجنة العليا للانتخابات وغيره،تلك الأسباب ،تجعلني أنطلق راضيا متفاعلا ،متقدّما، متفانيا ،ومضحيا،نحو هذا القرار، متفائلا وراجيا الأجر والقبول والمثوبة ان شاء الله تعالى …والمطلوب اليوم ،تحويل كل التحديات، التي كنا نسوقها كدوافع للمقاطعة،إلى قوة دافعة نسوّقها، ونحوّلها لطاقة محفّزة، لدعم المشاركة، نسير إليها متماسكين ،أقوياء ،فاعلين ،ومؤثّرين،ونقدّم التضحيات من أجل ذلك).
ولكن التعليق الذي طرحه عسّاف “الشاب” بدبلوماسية، قابله تعليق يخلو من الدبلوماسية، صدر عن زميله بالتيّار، وهوالدكتور غازي الدويك، منسّق تيّار الصقور، وأحد الأقطاب المعارضين بشراسة للمشاركة، طرح خلاله تساؤلات على صفحات التواصل الاجتماعي، عبّر فيها عن موقفه المعارض، جاءت على النحو التالي:
كيف للدعوة أن تُحترم ان لم تقل لا،وتحفظ كينونتها ؟!…ما المكاسب السياسية، التي يمكن ان نحقّقها من هذه الوسيلة ،التي نهرب اليها لسهولتها ،في ظل انغلاق الأفق السياسي،وندفع مقابلها كل هذا الانحناء ،والقبول بكل الصفعات؟!…ما قيمة ما سنكسبه ، إذا فقدنا حواضننا الشعبية والتنظيمية والدعوية؟!…لن اخالف ضميري ،وأكون مفصوماً مع ذاتي ،وأحقّق شعار مشاركة مشاركة، وإن جلد ظهرك،وأكل مالك!
في المقابل ، فقد عبّر معاذ الخوالدة ،عضو المكتب التنفيذي لجماعة الإخوان المسلمين، وأحد أقطاب ( تيّار الوسط)، عن موقفه من القرار على النحو التالي:
(الحركة الإسلامية في الأردن، تجاوزت كونها تنظيما، إلى أن أصبحت مجتمعاً مترامي الأطراف، ولا شك أن قراراتها ،ومواقفها، لا تخصّها فحسب، بل يتعامل معها الجميع ،على أنها قضية رأي عام، لذا فإنه يسعدنا ،ولا يضيرنا النقد البنّاء لمواقف الحركة،وطرح جميع وجهات النظر والأراء، حول قرارات الحركة مهما كانت ،سواء اتّفقت، أو اختلفت مع مواقفنا السياسية.
ولعلّ موقف الحركة الإسلامية من المشاركة في الانتخابات النيابية المقبلة، والحوار الساخن حوله، يجسّد ما أشرت إليه في بداية الكلام، وهنا فإنني أضع بين أيديكم ما يلي:
أولا: نرحّب بأي حوار ،أو نقد ،أو موقف مخالف لموقف الحركة الإسلامية، ونعتبر ذلك في إطار الاجتهاد السياسي ،وتقدير المصالح والمفاسد ،ويعذر بعضنا بعضا فيما اختلفنا فيه، أما لغة الشتم والتخوين والإساءة ،فهي تعبّر عن طبائع أصحابها ونفوسهم، مع علمنا بوجود قلّةتخوض معارك بالإنابة، لحساب جهات معلومة ومكشوفة.
ثانيا: قرار المشاركة أو المقاطعة في هذه المرحلة، يخضع لاعتبارات سياسية معقّدة للغاية، ولعلّها غير مسبوقة في تاريخ الأردن،تجعل المفاضلة بين القرارين في غاية التعقيد،وتحتاج لميزان دقيق يقدّر المصلحة الوطنية العليا،ويرجّح المصالح على المفاسد، وفق تقدير سياسي، مبني على منهجية علمية، وغير قائم على العواطف،أو ردود الأفعال الآنية، وأزعم أن الحركة الإسلامية قد استنفذت أقصى جهدها في هذا الإطار، عبر الفريق السياسي المختص داخل الحركة الإسلامية، والأطر الشورية المؤسسية المتعدّدة، والهياكل القيادية التنفيذية المختلفة، فكان القرار بالمشاركة، محصّلة هذه الجهود العملاقة على مدار أسابيع ماضية،وما قصدنا باجتهادنا، إلا استمرار التزامنا بالدور الوطني المنوط بنا، وفق ما آلت إليه اجتهاداتنا .
ثالثا: رسالتي لإخواني أبناء الحركة الإسلامية؛ لقد كان الحوار المفعم بالإنتماء لهذه الدعوة المباركة، والحرص على مصلحتها، والمنطلق من الحرص على المصالح الوطنية العليا، مثالا يحتذى به في الديموقراطية والشورى الحقّة، والتي أكرّر أنها محلّ فخر لنا جميعا، يندر أن نراها في هذا الواقع السياسي القائم ،كما هي في الحركة الإسلامية.
وعليه، أما وقد حسمت النقاشات والحوارات، عبر قرار شوري مؤسسي من أعلى مستويات الشورى والقيادة في الحركة الإسلامية ،فإن الواجب علينا الان، أن نترك أراءنا خلف ظهورنا، ونبذل كل وسعنا في تحقيق أهداف قرارنا من المشاركة، فلا مجال للتردّد، وتقديم الرأي الفردي ،على القرار الجمعي المؤسسي ،فهذا ما اعتدنا ونشأنا عليه، ونسأل الله التوفيق والسداد والرشاد.
أخيرا ،ساحة العمل الوطني ،تتّسع للجميع، وكل يقدم ويجتهد ،وفق ما يراه صوابا، أو أقل ضررا، ومن الطبيعي تباين المواقف والآراء، ولكن المهم أن تبقى المواقف، بعيدة عن التشنّج وكيل الاتهامات).