د. أحمد نوفل
سبحان من وزّع الطاقات والقدرات، وخصّ بها بعض الناس وميّزهم عن بعض، وعطاء الله ليس له حدود، ولا يتدخّل فيه أحد، وأعتقد، ومثلي كثير أن أبا أحمد قد خُصّ بطاقة وديناميكية قلّ أن تجد لها نظيراً. خلية نحل،تضجّ بالعمل والحركةوالتخطيط والإدارة الناجحة الموفقة، ما دخل ميداناً إلا زانه ونجح فيه بأعلى المعدّلات ،جمع الوزارتين معاً: التربية والتعليم والأوقاف، وأدارهما بجدارة وكفاءة وتفوّق عزّ نظيره، ورأس الجامعة الأردنية، وقلّ من رأسها بوزنه ومقدرته وكفاءته، مع الاحترام للجميع.
ولسنا نتزيّد، ولكن نقول ما نعتقد وما نعلم،وهذه شهادة أزعم أنه لا يختلف عليها وفيها اثنان، أن أبا أحمد الفرحان، أوتي طاقة على العمل،تنوء بالعصبة أولي القوة.
فبعد العمل الوظيفي ،هناك العمل الاجتماعي والجمعيات الخيرية، فهو عضو في عدد من اللجان، ومجالس الإدارات،ينتقل من مكان إلى مكان، وكل ذلك من العمل التطوّعي، وقد كان مع الدكتور قنديل شاكر -رحمة الله على الجميع- ،أحد أعمدة تأسيس المستشفى الإسلامي ،الذي صار معلماً من معالم الأردن، وقد كنا نجلس عصراً في الأرض،التي أصبحت فيما بعد هذا الصرح العظيم،الذي داوى عشرات الآلاف، فجزى الله العاملين في إنشائه خير الجزاء، وأبو أحمد من أوائلهم، أقول: كنا نجلس، وكنت أقل وأصغر الموجودين، فكلهم قامات وهامات وكفاءات، وقد نشروا خرائط المستشفى، وطفقوا يحلمون برؤيته واقعاً حتى كان، ثم كان ما كان.
أما صلتي بأبي أحمد، وفضله عليّ، فلا أوفيه حقه، مهما قلت، وما حييت، فهو أستاذي في كلية الشريعة، درّسنيمادة التربية ،وكنت مقدّما عنده،بفضل الله،وهو الذي ابتعثني لإكمال الماجستير، في شبه معجزة، في آخر يوم لوزارة الأوقاف التي كان وزيرها وقتذاك، ولا أفصّل ما اعترضني بعدها،ولا ما تعرّضت له.
ولما رجعت بالماجستير ،كان هو رئيس الجامعة،فطلب نقل خدمتي من الأوقاف إلى الجامعة، ثم ابتعثني لإكمال الدكتوراه،ومن فضل الله، لم يكن ابتعاثه لي محاباة،فأنا الأول بفضل مولاي في الأرد وفي الأزهر، في أثناء الدراسة، حتى لا يقال.. يحابون.. لا ،فأبو أحمد ليس من هذا الصنف، فلو كتبت ما وفيت أستاذي بعض حقه، ولا أعلم بعد والديّ مَن له فضل عليّ، كأبي أحمد رحمات الله عليه.
لا تظنّوا أنني أكتب هذا، تزيّدا أو مجاملة،فلاوالله،ولكن ليعلم أبناء هذا البلد الطيّب المبارك( الأردن)، الرجال الذين أسهموا في تقدّم هذا البلد ،ورفع اسمه.
ولا يفوتني في هذا المجال، أن أتكلّم عن لمساته وبصماته في المناهج، عندما رأس المناهج، فكانت مناهج الدراسة في الأردن،فخر المناهج في العالم العربي، وكلّهم قبسوا منّا ،ونقلوا عنّا ،واستفادوا من تجربتنا وسلوا عن معلمينا ،الذين انتشروا من المغرب العربي في أقصى الغرب إلى البحرين، إلى عُمان في أقصى الشرق، فما من بلد إلا تلمّس العلم من بلدنا.
هذا تاريخ، ربما لا يعلمه النشء الجديد ،فأحببنا أن نعرّفهم ببعض الطاقات الفذّة، التي حفرت اسم الأردن ومنزلته ونجاحاته ،بكفاءتها وإخلاصها وقدرتها.
وقد كان أبو أحمد في وزارة وصفي التل أحد أبرز وزرائه، وهو أبرز رئيس وزراء مرّ أو سيمرّ على الأردن، ولا نعلم الغيب، لكن المؤشرات منذ خمسين سنة إلى الآن،لم تخلف هذا القول.
رحم الله، أستاذي ومعلّمي، وصاحب الفضل العريض الكبير على هذا الضعيف، وبقي حبل الود بيننا والمحبة من فضل الله ،حتى غادر الدنيا، وبعد أن غادرها ،يعلم الله أني ما انقطعت عن الدعاء له وكلّما ذكرته تفيض عيناي،وأكتب هذه الكلمات ،ولا يعلم بي إلا ربي ما حالتي.
يا أبا أحمد، ،عوّضنا الله عن أمثالك خيراً، وجزاك عنّا،وعن وطننا وبلدنا وقومنا في الأردن، وبلاد العرب جزاك الخير الأوفى ،وموعدنا إن شاء الله عند حوض المصطفى، هكذا ندعو ونرجو، وسلام عليك .