طلال سلمان
لم يكن الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان،في استقبال أول طائرة لشركة “العال” الإسرائيلية، وهي تحطّ في المطار الذي أنشأه لربط بلاده الصحراوية، بالعالم.
نجله الشيخ محمد، قام بالواجب،واستقبل ضيف الشرف مستشار الرئيس الأميركي ترامب،باعتباره “المعرّف”،كما ذلك الدليل،الذي يرافق الحجّاج ويدلّهم على المواقع المقدسة، بين المدينة المنوّرة ومكة المكرمة قبلة المؤمنين..
لكن “الضيف”،يعرف البلاد جميعاً، وربّما أكثر من أهلها، فلولا خبرته وتجاربه وتنقّلاته في مختلف أنحاء الدنيا،لما أختار فلسطين،لتكون “أرض دولتهم”،بغض النظر عن تاريخ أهلها،وما تحفل به، وتنقله إلى الناس صفحات تاريخها القديم، فما بين “أورشليم “و”القدس”،عبرت الإنسانية مراحل دموية، استقبلت محتلين،وجاء بعدهم من حرّرها، وأعاد أهلها إلى هويتهم…. وها هم الآن مهدّدون، مرة أخرى، بأن يفقدوا هويتهم من دون ان يُتاح لهم استبدالها بهوية لا يريدونها، لأنهم هم أصحاب الأرض، واسم أرضهم فلسطين ولن يكون لها اسم آخر ،حتى لو تنكّر لها أهلها، فأنكروها وتركوها لمحتلها الصهيوني.
فلسطين هي فلسطين،ياشيخ محمد،ليست حفنة رمال،وجمل،وناقة، وقافلة فيها اغنام، وماعز، ودجاج،وديوك.
فلسطين،هي التاريخ الذي يصنع الجغرافيا، التي يبنيها أهلها، ويسمّونها، ويتّخذونها وطناً لهم. ومن لا وطن له،لا اسم له. وهؤلاء الذين جاءوا من البعيد البعيد،ليسوا أهلها، ولن يكونوا أهلها إلاّ إلى حين.. فأهلها هم أهلها، وهم موجودون فيها ومن حولها في قلبها، في عيونها، في البيوت القديمة التي لا تسقط حتى لو هدمها الصهيوني، بل هي ستعود بهمّة أهلها العائدين إليها،متجاوزين الزمن والخصومات والتحالفات، لأن الوطن لأهله، يكون بهم ولا يكون بغيرهم. فلسطين ليست صحراء ينصب أي عابر سبيل، خيمة فيها ويسمّيها دولة، بينما أهلها خارجها.
فلسطين بأهلها ،وليس بهؤلاء المستقدمين من مدن وبلدات أخرى في بلاد بعيدة، لم يعرفوا فلسطين من قبل،ولم يسمعوا بها إلا عبر التوراة.لم يعرفوا أهلها، لم يعرفوا أرضها بالسهول والهضاب والجبال فيها، وبيت لحم التي رعت السيد المسيح ،وأعانت أمه العذراء على تربيته حتى أتم رسالته، وبعدها رفعه الله إليه وأوكل إلى تلامذته، أن ينتشروا بين الناس ،ليبلّغوا ما جاء به وقد كان.
ولن يستطيع الشيخ محمد بن زايد أن يُلغي التاريخ..
صحيح ،أن الدول قد تلاعبت بالصحراء، حتى “استولدت”منها دولة، جمعت فيها ست مشيخات واسمها “الامارات العربية المتحدة”…لكن التاريخ سيذكر أن أبناء الشيخ زايد قد قتلوا “زايد الخير”،وقصدوا “إسرائيل” ليلغوا فلسطين.. أما فلسطين، فأبقى من المشيخات وشيوخها، ومن الأمراء والملوك ومرجعيتهم الأميركية.
فلسطين لأهلها، والبلاد التي لا أهل لها تزول، لأن البلاد بأهلها.
زر الذهاب إلى الأعلى