أصدر حزب الله اللبناني، بيانا صحفيا مقتضّبا، حول كارثة مرفأ بيروت، التي أحدثت دمارا شاملا في المرفأ، والمناطق المحيطة به، وأوقعت عشرات القتلى وآلاف الجرحى، اكتفى فيه بالتعزية بالضحايا والجرحى، الذين سقطوا في الانفجار، مطالبا اللبنانيين بالوحدة والتضامن في ظل هذه الأجواء العصيبة. وكان لافتا أن بيان الحزب، لم يحمّل أي جهة مسؤولية ما حصل، سواء كانت محلية أو خارجية، ولم يدعُ للتحقيق في حيثيات ما حصل، ولم يتوعّد المسؤولين عنه كما درجت عادته بـ “الويل والثبور، وعظائم الأمور”.
يبدو أن الحزب كـ “بالع الموس على حديه”، كما يقول المثل العامي، فلا هو قادر على تحميل الاحتلال الإسرائيلي مسؤولية الكارثة، على الرغم من قناعته أن الاحتلال يقف خلفها، لأن ذلك يستدعي ردّا بحجم “حرب مفتوحة”، وهو الأمر الذي بقي الحزب يتجنّبه طوال السنوات الماضية، ولا هو قادر على تحميل الطبقة السياسية هذه الكارثة، لأن ذلك يعني تحميل “العهد” الذي يدعمه الحزب هده الكارثة، أو حكومة حسان دياب المسؤولية، وهي الحكومة التي يتمسّك بدعمها حتى “الرمق الأخير”، إضافة إلى أن هذا، يعطي الاحتلال الإسرائيلي مزيدا من الضوء الأخضر لمواصلة عدوانه بحق حزب الله ولبنان، خصوصا مع تبرئته بشكل كامل من مسؤولية ما حدث.
بيان حزب الله، يدلّل على أن الحزب يريد أخذ مزيد من الوقت، كي يدرس كل الخيارات المتاحة أمامه، ويجري “مروحة” مشاورات مع حلفائه الإيرانيين، لأن قرارا بحجم مواجهة مفتوحة مع الاحتلال الإسرائيلي، يتطلّب موافقة إيرانية من المرشد الخامنئي نفسه، حيث إن إيران لن تكون بمنأى عن تداعيات هذه المواجهة، التي من الممكن أن تمتد لتطال العمق الإيراني نفسه، فالاحتلال الإسرائيلي يعدّ إيران المسؤول المباشر عن الحزب وقيادته.
لا شك أن الضغوط على حزب الله، ستتواصل خصوصا مع الرسالة التي وجهتها تل أبيب إلى بيروت، عقب الكارثة مباشرة، عبر وسيط فرنسي، تحثها على غلق منشآت خاصة بـ ”حزب الله“، تزعم أنها تستخدم لتصنيع صواريخ دقيقة التوجيه، محذّرة من أنها قد تضطر للعمل بنفسها حال لم تتخذ الدولة اللبنانية إجراءات في هذا الصدد.
وأفادت تقارير وقتها، أن نائب مستشار الأمن القومي الإسرائيلي إيتان بن دافيد، طلب من مبعوث الرئيس الفرنسي، الذي زار مكتب نتنياهو بالقدس المحتلة، أن يبلّغ الرئيس اللبناني ميشال عون، أنه على الدولة اللبنانية غلق المنشآت المشار إليها، وأخبره أنه ”على حكومة لبنان الحذر في كل ما يتعلّق بمنشآت الصواريخ الخاصة بحزب الله، وإذا لم يُعالج الملف بوسائل سياسية من خلال الحكومة في بيروت، سوف تعمل إسرائيل بنفسها“.