منذ صدور نتائج الثانوية العامة في الأردن (التوجيهي)، يوم السبت الماضي 15آب (أغسطس) ،لم يتوقّف الجدل حول النتائج التي وصفتها وسائل الإعلام الأردنية، بأنها غير مسبوقة و “فلكية”، حيث سجّلت المعدّلات ارتفاعاً كبيراً ،يعدّ الأول من نوعه منذ انطلاقة هذا الامتحان في المملكة.
وسجّلت نتائج امتحان الثانوية أرقاماً غير معهودة، حيث شهدت حصول 78 طالبا وطالبة، على معدل 100%، في حين حاز تسعة من الطلبة على درجة 99.9٪، وحصل أكثر من 990 طالباً وطالباً على معدل فوق 99%.
وقد وصف الكاتب الأردني مكرم الطروانة، نتائج التوجيهي، بأنها جنون غير مسبوق، مشيراً إلى أن وزارة التربية ،كانت تنظّم مهرجانا لتوزيع العلامات وإرضاء الناس، فهذه النتائج لا تحدث حتى في الصفوف الابتدائية.
وحسب الطروانة، فإن تاريخ الأردن التعليمي، لم يشهد أن حصل طالب على علامة 100 % في امتحان الثانوية العامة ،إلاّ مرة واحدة في العام الماضي، وفي حينها تفاعل الأردنيون مع هذا الحدث الاستثنائي، غير مصدّقين أو مقتنعين به.
ويرى رئيس الحملة الوطنية من أجل حقوق الطلبة “ذبحتونا”، فاخر دعاس، أن معدّلات طلبة التوجيهي لهذا العام وهمية، وغير دقيقة، لافتاً إلى أنها “لا تعكس واقع إمكانات وقدرات الطلبة”، مشيراً إلى أن هذه المعدّلات المرتفعة جداً “ستعطي مجالاً أكبر لـ”نظام الموازي” في الجامعات الرسمية.
وأبدى دعاس ،تخوّفه من اعتماد الحكومة الأردنية للمشهد الأكاديمي المستهجن ،كسياسة تعليمية طويلة الأمد، محذّرا من تأثيرها الكبير على سمعة “التوجيهي” والجامعات، خصوصاً أن العام الماضي شهد نتائج مرتفعة أيضاً.
وأوضح دعاس
أن الوزارة كانت تدفع باتجاه أن تكون العلامات مرتفعة بطريقة مقصودة ، فكان هناك تسهيل بحذف جزء من المواد، فنمط الاختيار المتعدّد، يساعد الطلبة في الحصول على مثل هذه العلامات.
ويتابع “دعاس” أن ثمة أسبابا ثلاثة ،دفعت الحكومة إلى رفع المعدّلات بهذه الطريقة؛ يتمثّل الأول بتسويق نظام التعليم الالكتروني، الذي حظي بانتقاد كبير من الطلاب والأهل.
وأضاف: “الدافع الثاني للحكومة من رفع المعدلات ،يكمن في السعي لحل المشاكل والأزمات المالية ،لدى جامعات الأطراف (المحافظات) ،التي تعاني من الديون والعجز، من خلال رفد الجامعات بالطلبة على البرنامج الموازي عبر رشى اجتماعية برفع المعدلات”.
أما السبب الثالث ،من وجهة نظر “دعاس” فهو تحقيق مزيد من الأرباح للجامعات الخاصة، التي كانت تشتكي في السنوات الفائتة من قلة أعداد الناجحين والحاصلين على المعدّلات الدنيا، التي تؤهّلهم للدراسة في الجامعات.
من جهته ،أكدّ وزير التربية والتعليم تيسير النعيمي إن نتائج التوجيهي هذا العام حقيقية ،وأن الوزارة لم تتهاون ،أو تراعي الطلبة ،بسبب ظروف كورونا، مشدّداعلى أن التشكيك بنتائج امتحان التوجيهي غير علمي، ومبني على أراء وقناعات شخصية. ولفت إلى أن نسبة النجاح هذا العام، أقل من العام الماضي، مبرّرا ارتفاع العلامات بسبب اعتماد الوزارة الأسئلة الموضوعية هذا العام، واستبعاد الأسئلة المقالية.
وقال النعيمي :إن الامتحان كرّس عبر أعوام ،قياس قدرة الطلبة على الحفظ ،والاستظهار للمادة، وليس ما يخدم أهداف النظام التعليمي ،بتنمية مهارات التفكير العليا ،وحل المشكلات، مشدّدا في هذا الاطار، على أن الامتحان لا يقيس القدرات العقلية ،أو معدّلات الذكاء.
وبيّن أن مصداقية أي امتحان، تكمن باعتماد الشفافية والإجراءات الموحّدة، وتكافؤ الاسئلة ،ونسب النجاح، وتحقيق اغراضه باعتباره امتحانا عاما لنهاية المرحلة الثانوية.
وأشار النعيمي ،إلى أن طبيعة الاسئلة، عامل مهم لمن يحقّق العلامة الكاملة، وأن الاختبارات الموضوعية، لا تحتمل التخمين، بل هي شمولية وأوسع في المحتوى ،ولا ذاتية في التصحيح، كما هو النمط الشائع عالميا، بخاصة في ظل ظروف الجائحة.
وأوضح أن حصول طلبة على علامات كاملة، أمر متوقّع في ضوء نمط الاسئلة الموضوعية، مؤكّدا أن نتائج الامتحان ،تعكس قدرات ابنائنا وبناتنا ،ومتابعة أسرهم.
ونفى أن يكون للوزارة أي فضل على أحد بأي علامة، في الوقت الذي اقتصر فيه جهدها على إجراءات شملت نشر جداول المواصفات ونمطية الاسئلة، وتوفير الظروف الملائمة لعقد الامتحان، وتصحيح الإجابات وتدقيق العلامات بأمانة.
ولفت النعيمي ،إلى ان العلامات ونسب النجاح في العالم مرتفعة العام الحالي، فيما كثير من الدول لم تتمكن من عقد امتحاناتها، ولجأت إلى نماذج احصائية لتقدير علامات الطلبة، بناء على محطات تقييم ادائهم السابقة، وهو أمر ليس ممكنا تربويا ومجتمعيا في الأردن.
وأشار إلى أن المعدلات المرتفعة لبعض الطلبة في الاعوام السابقة، والتي لو دقّقت لتبييّن بأنها تفتقد إلى عُشر أو عُشرين عن العلامة الكاملة، مرجعا ذلك إلى بعض الموضوعات في مواد محدّدة، والتعبير باللغتين العربية والإنجليزية.