تقارير و تحليلاتعام

“كواليس” تضع النقاط على الحروف بشأن اعتراض د. الدويك على تقرير “إخوان الأردن”

على الرغم من أن رسالة د. غازي الدويك، عضو مجلس شورى جماعة الإخوان الملسمين، ومنسّق (تيار الصقور) فيها، حملت تعبيرات ومصطلحات “اتّهامية” ومسيئة، تجاه الموقع، وكاتب تقرير “إخوان الأردن”، فقد سارعنا إلى نشر رسالته بدون تردّد، وبدون أن يطلب منّا، إيمانا بحقه في الرد والتعليق، باعتباره معنيا بالموضوع، وورد اسمه فيه، وتأكيدا على شفافيتنا، وموضوعيتنا، وعدم انحيازنا لأي طرف من أطراف الخلاف، أو التنافس، أو التدافع داخل جماعة الإخوان.

لقد تزامن انطلاق الموقع، مع الانتخابات الإخوانية الداخلية، وكنّا الموقع الوحيد، الذي انفرد بمتابعة الانتخابات، ونشر نتائجها وتحليلها، بدءا من انتخابات الشُعب الإخوانية، ومرورا بانتخابات مجلس الشورى، والمراقب العام، والمكتب التنفيذي، وختمناها بتقرير تحليلي عن وضع الجماعة في ضوء نتائج الانتخابات، والذي لخّصه التقرير بالعنوان الرئيس، وهو: “في ظروف داخلية وخارجية هي الأصعب.. إخوان الأردن يرسّخون وجودهم، ويؤكّدون مؤسّسيتهم، ويحافظون على تماسكهم”. وقد تبايبت ردود الفعل إزاء ما ذكره التقرير، بين مؤيّد له، باعتباره أنصف الجماعة، وأعطاها حقها، وبين معارض له، باعتباره أشاد بالجماعة وأطرى عليها !.. ولكننا فوجئا برسالة د. الدويك، الذي كنا نتوقّع أن يحظى التقرير بإعجابه،  ويُسرّ به، لأنه أنصف الجماعة، التي تتعرّض حاليا لـــ “الشيطنة”، و”الاضطهاد”، و”الظلم”، بشكل لا مثيل له في تاريخها، ومن المؤسف أن د. الدويك، انشغل عن الدلالات الرئيسة والجوهرية، التي يمكن استخلاصها من التقرير، إلى الانشغال بجزئيات تتعلّق بموقف تيّار “الصقور”، الذي ينتمي إليه، علما أن التقرير تحدّث عن معلومات مؤكدة، لا يستقيها من مصدر واحد، وإنّما من مصادر متعدّدة.

وإذا كان التقرير لم يعجب د. الدويك، فإنه كان يمكنه تصحيح المعلومات والحقائق، التي تم “تدليسها” من قبل مصادر كاتب التقرير، وما زالت الدعوة مفتوحة له، ولأي من تيّاره، للتصحيح والاستدراك، على ما يرونه غير صحيح أو دقيق مما ذكر.

وقد يرد د. الدويك علينا: إن هذه معلومات داخلية، تقتضي الأمانة والائتمان، في أن تبقى سريّة، وغير خاضعة للتداول الإعلامي.

فنقول له: إن جماعة الإخوان المسلمين في الأردن، هي جماعة علنية، تناضل من أجل الإبقاء على شرعيتها القانونية، التي تم “استلابها” و”اختطافها”، من قِبَل مجموعة تمرّدت على قيم البيعة والمروءة والأخلاق، وبدعم وإسناد وتغطية، من جهات رسمية أو “سيادية”.

مثل هذه الجماعة، التي عملت في وَضَـح النهار، خلال ما يزيد عن سبعين عاما، لا ينبغي أن تخاف من “كشف” أوراقها، والإعلان عن هياكلها وتشكيلاتها وأطرها، ولعلّ طباعة لائحة  الجماعة وتوزيعها، تمثّل خطوة مهمّة في هذا السياق.

إن الجماعة في الأردن، هي الوحيدة من بين الجماعات الإخوانية، التي يوجد فيها تيّارات معلنة، ويتم “الدعاية” لممثّليها في انتخابات الشُعب، ومجلس الشورى، والمراقب العام، والمكتب التنفيذي، ويجري بين قادة هذه التيارات، “مفاوضات” في جميع المراحل الانتخابية.

إن ذلك يُحسب للجماعة في الأردن، ويصبّ في رصيدها، فهذه هي من علامات التقدّم والتنوّر والوعي، لأنه لا يمكن في ظل جماعة تعيش تحت الأرض، وفي “السراديب”، أن تجريّ انتخابات نزيهة وشفّافة، فتفرز الأفضل والأحسن.

إن العمل السرّي له آفاته وأمراضه، وهو لا يتّسق مع العمل الدعوي، ولا العمل السياسي، ولا الاجتماعي، فهذه أعمال لابد أن تكون “فوق السطح”. صحيح أن كثيرا من الجماعات الإخوانية أو غيرها، لجأت إلى العمل السري، لأنها تعيش في ظل أنظمة مستبدة و”بوليسية”، ولكن الأردن هو الاستثناء، بدليل أن لافتة جماعة الإخوان المسلمين موجودة في “وسط البلد”، يشاهدها كل من يذهب هناك للتسوّق أو غيره، منذ الأربعينيات من القرن الماضي.

التعريض بــ “تيار الوسط”

وعودة إلى رسالة د. الدويك، فلابد من الإشارة إلى نقطة مهمّة، نفى فيها د. الدويك وجود تيار اسمه “الوسط”، وأنه في حقيقته تيار واحد هو “الحمائم” وقد أراد الدويك من ذلك، التعريض بهذا التيار، بنسبته إلى “الحمائم”. وهنا، وقع الدويك في الإشكاليات التالية:

1- التعريض بالتيارين، باعتبار أن الانتساب إلى “الحمائم”، يعدّ تهمة من زاوية، وتحريضا على “الوسط” من زاوية أخرى، انطلاقاً من اعتقاد الصقور بــ “طهريتهم” السياسية، وأنهم وحدهم هم الأمناء على الجماعة والمشروع والرسالة، خلافا لـــ “الحمائم” الذين يمثّلون “الانحراف” عن المنهج، والتمسّك بالثوابت، وسلوكهم السياسي هو سلوك “منبطح” بالتعبيرات الشعبية !

قد يقول د. الدويك: إنه لم يقل ذلك، أو يُشر له في رسالته القصيرة، ولكن أي خبير بالشأن الإخواني الأردني، وأي عارف بالدكتور الدويك، يدرك أن هذا هو مقصده، وهذا ما يقوله هو وتيّاره في مجالسهم العامة والخاصة.

2- إن نفي وجود تيار (الوسط)، هو نفي للحقيقة وللتاريخ، وهو ما نربأ أن يقع فيه د. الدويك… وقد يكون هذا التيار، حمل اسما آخر في فترة زمنية سابقة، ولكنه هو الذي تحالف معه تيار الصقور في أربع دورات انتخابية سابقة: دورة (2002-2006)/ دورة (2006-2008)/ دورة (2008-2012)/ دورة (2012-2016).

وكان نتاج هذا التحالف: ترشيح د. همام سعيد لمنصب المراقب العام عام 2002م، في مواجهة قائد التيار المنشق (لاحقا) عبد المجيد ذنيبات. وكاد د. همام أن يطيح به لولا “الأوراق البيضاء” الشهيرة، التي حالت دون ذلك ! وتمكّن تحالف الصقور والوسط حينها، من انتخاب د. همام نائبا للمراقب العام، وإيصال اثنين آخرين إلى عضوية المكتب التنفيذي.

وفي دورة (2006-2008)، تمكّن تحالف الصقور والوسط، من حلّ مجلس شورى الجماعة، بسبب الاعتراض على نهج المراقب العام -حينذاك- سالم الفلاحات، الذي أضرّ بالجماعة داخلياً و خارجياً، وتم الذهاب نحو انتخابات جديدة، دعم فيها التحالف د.همام سعيد، وتمّت الإطاحة بالفلاحات انتخابياً.

وفي دورة (2012-2016)، تمكّن التحالف من التجديد للدكتور همام سعيد في مواجهة الفلاحات مرّة أخرى.

السؤال: أليس غريباً أن ينكر الدويك، وجود تيار (الوسط) – وليست المشكلة هنا في الاسم -، وهذا التيار هو الذي أعاد تيار “الصقور” لقيادة الجماعة، بعد أن تم إقصاؤه “انتخابياً” لمدة (18) عاماً، منذ 1990م ، وحتى 2008م ؟!! لقد كان يمكن لتيار الصقور، أن يبقى بعيداً عن قيادة الجماعة منذ ذلك الحين، وحتى الآن، ولكن تحالف “الوسط” معهم، هو الذي أعادهم إلى “سدّة” القيادة!… إن هذا الإنكار، لا يعد إنكاراً للتاريخ فحسب، ولكنه ينافي الوفاء ، حيث تقتضي المرؤة عدم تجاهل هذه الحقيقة التاريخية، والاعتراف لأهل الفضل بفضلهم، حتى لو وقع خلاف تنظيمي لاحق.

إن على د.الدويك وتيّاره، تقييم الأسباب الحقيقية التي أدّت إلى “فك” هذا التحالف، الذي أدّى انفكاكه إلى خروجهم من قيادة الجماعة في دورة (2016- 2020)، باستثناء ممثّل وحيد لهم (زياد الميتاني)، وخروجهم نهائياً من قيادة الجماعة في دورة (2020- 2024)، باستثناء وجود مُستقِلَين مَحْسُوبَيْن عليهم (د.سائد الضمور/ رياض السنيد).

3- إن إنكار وجود تيار (الوسط)، والتعامل معه على أنه جزء من تيار (الحمائم)، لا يخدم (تيار الصقور)، من حيث إنه يعني أن تيار (الحمائم)، يملك ثلثي أعضاء مجلس الشورى بالحد الأدنى، وهذا يطرح سؤالاً: كيف تمكّن (الحمائم) من حصد هذا العدد الكبير من المقاعد؟!.. ألا يدلّ على ذلك على شعبيتهم الواسعة، والقَبُول الكبير لهم في أوساط الجماعة؟!

نرجو أن لا ينكر د.الدويك هذه النسبة، لأن زميله المهندس مراد العضايلة، الذي أشرف على “الماكنية الانتخابية” لتيار “الصقور”، يقول: إن تياره حصد (18) مقعداً في مجلس شورى الجماعة، وهو ما يعني أن بقية المقاعد (38)، هي لتيار الحمائم.

كاتب التقرير وسياسة الموقع

يبقى أن نشير إلى حقيقة، أن كاتب التقرير، هو كاتب مختص بالشؤون الأردنية عموماً، والإسلامية -الإخوانية-،خصوصاً. وعدم نشر اسمه، يعود إلى سياسة الموقع في عدم ذكر أسماء كاتبي التقارير، والاكتفاء بأسماء كاتبي مقالات الرأي فقط، حرصاً منّا على تجنيب كتّاب التقارير، المتاعب الأمنية والسياسية والشخصية، إضافة إلى منحهم فرصة الكتابة بحرية كاملة دون الإحساس بشعور “الرقيب” الداخلي والخارجي عليهم.

إنّنا موقع يناهض الاحتلال الصهيوني بوضوح، ويقف مع المقاومة ضده بكل الوسائل، وفي مقدّمتها المقاومة العسكرية، وضد التطبيع مع هذا الاحتلال، كما أننا ضد الأنظمة الاستبدادية والقمعية، وضد الفساد الإداري والمالي، ومع “الثورات العربية” التي تهدف إلى الإصلاح والتغيير في المجتمعات العربية والمسلمة، ونقف ضد محور “الثورات المضادة”، ونؤيّد جميع الحركات الدعوية والإصلاحية والثورية، المنسجمة مع السياسات التي تقدّم ذكرها. موقع هذه هي سياساته ومواصفاته، لا يمكن أن يكون من المواقع “السوداء” أو “الصفراء”، كمّا غمز به د.الدويك في رسالته.

إن الاهتمام من طرفنا بتغطية أخبار جماعة الإخوان المسلمين في الأردن، يأتي في سياق أنّها التنظيم الشعبي الأكبر، والأكثر نفوذاً وفاعلية وتأثيرا، ولكنها تغطية تتوخّى المصداقية والموضوعية، ولا تأتي في سياق دعائي أو ترويجي، لا إيجاباً ولا سلباً، آملين أن تكون هذه التوضيحات، قد وضعت النقاط على الحروف. والله من وراء القصد.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق