أردوغان “ زعيما لايقهر “ … حسم “ معركة الرئاسة” التركية لصالحه لولاية جديدة ثالثة
226 دقيقة واحدة
لم تنم المدن التركيّة ليلة الأحد( 2023/5/28)، حتى ساعات الفجر الأولى من اليوم التالي (الإثنين)، إذ خرجت الملايين من أعضاء حزب العدالة والتنميّة وحلفائهم وأنصارهم إلى الشوارع، يعبّرون عن فرحتهم الشديدة، للفوز الذي حقّقه الرئيس التركي رجب طيّب أردوغان، بعد جولتين انتخابيتين صعبتين، حُبِست فيهما الأنفاس، ليس على الصعيد التركي فحسب، بل امتدت إلى الصعد العربية والإسلامية والإقليمية والدوليّة، إذ سجّلت هذه الانتخابات اهتماما غير مسبوق محليّا وإقليميًا ودوليا،لم تحظ به انتخابات أخرى في العالم، بما فيها الانتخابات الأميركية. كان أردوغان قد أخفق باجتياز الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسيّة( 2023/5/14)، إذ حصل على نسبة49.5%،وهي تقل عن النسبة المطلوبة بنصف من المائة، في حين حصل منافسه رئيس حزب الشعب الجمهوري كمال كليتشدار أوغلو على44.9%، وهو ما أدّى إلى الذهاب نحو الجولة الثانيّة( الإعادة)، التي حسمها أردوغان بالفوز بنسبة 52.2%، في حين حصل كمال كليتشدار أوغلو على 47.8% . وبهذا الفوز الصعب، يكون أردوغان ، قد حسم ” معركة الرئاسة”، ليصبح رئيسا لتركيا لولاية ثالثة، يفترض امتدادها إلى عام 2028م.
الزعيم الذي لا يقهر
فوز أردوغان أكّد صحة الوصف الذي وصفه الإعلام الفرنسي، بأنه ” الزعيم الذي لايقهر “، فقد خاض الانتخابات في ظروف صعبة، وغير مواتيّة لتحقيق الفوز ، والتي يمكن حصرها بما يلي : ١-كارثة الزلزال التي ضربت (11) ولاية تركيّة، في السادس من شباط ( فبراير) 2023، أي قبل ثلاثة شهور من موعد الانتخابات، وهي التي استغّلتها المعارضة التركيّة لتأليب الشعب التركي ضد أردوغان وحكومته، عبر اتهامهم بالتقصير في المعالجة الفوريّة والسريعة لآثار الزلزال ! ٢-تراجع الاقتصاد التركي خلال السنوات الأخيرة، أدّى إلى زيادة التضخّم ،وانخفاض سعر الليرة التركية، وغلاء الأسعار . ٣-أزمة اللاجئين عموما، والسوريين خصوصا، التي تحوّلت إلى مادة للجدل الشعبي الداخلي، وإحدى نقاط القوة، التي وظّفتها المعارضة التركية ضد أردوغان وحكومته، بوصف اللاجئين باعتبارهم يشكّلون عبئا كبيرا على الاقتصاد التركي . ٤-ائتلاف غير مسبوق للمعارضة التركية ، فيما سمّي ب” الطاولة السداسيّة” ، وهي التي جمعت قوى علمانية ومحافظة لأول مرة . ٥- وحدة موقف الأغلبية الساحقة من أكراد تركيا، في إسقاط أردوغان ، وإعلانهم الرسمي والعلني تأييد كليشدار أوغلو ، في الوقت الذي خاض فيه الأكراد انتخابات الرئاسة عام2014، وعام 2018، بمرشّحهم صلاح الدين ديمرطاش. ٥-وجود رغبة جامحة لدى دول وجهات عربية وإقليمية ودولية،في إسقاط أردوغان، وعكست وسائل الإعلام التابعة لبعض الدول هذا الموقف، عبر حملات إعلامية منظّمة وممنهجة، استهدفت أردوغان . في ظل هذه البيئة المعاديّة والمناوئة له، خاض أردوغان الانتخابات، وتعامل معها بمهارة ودهاء وذكاء، استند فيها على شخصيّته الجاذبة( الكاريزما)، وتجربته الطويلة ،وخبراته الكثيرة، وتمكّن من تحقيق إنجازين مهمّين : الأول، فوز تحالف الجمهور ، الذي يقوده حزبه ( العدالة والتنميّة) بأغلبية مريحة في البرلمان التركي، وهو ما خالف معظم التوقّعات التي كانت تعطي الأغلبية لتحالف المعارضة( الشعب) . الثاني، فوزه بانتخابات الرئاسة، مما يعطيه خمس سنوات قادمة، تمنحه الفرصة لإعادة ترتيب أوراق حزبه ، وترشيح بديل مناسب عنه، يمكنه الاستمرارية في نهجه، وما حقّقه من مكتسبات وإنجازات.