بقلم : أوّاب إبراهيم المصري*
تحضيراً للانتخابات التشريعية والرئاسية المقبلة في تركيا، اجتمعت طاولة الست المشكّلة من ستة أحزاب سياسية في مركز حزب السعادة (الإسلامي)، وتوافقت على اختيار رئيس حزب الشعب الجمهوري العلماني المعادي للإسلام ( كمال كليشدار أوغلو )مرشّحا لها لمواجهة رجب طيب أردوغان في الانتخابات الرئاسية. الطاولة تضم أحزابا تتناقض في رؤاها وخلفياتها ومشاريعها ،لكنها تتّفق فقط على معاداة أردوغان.
التنافس في العمل السياسي مشروع ومطلوب ، وهو يعبّر عن الديمقراطية وتداول السلطة، لكن حين يكون ثلاثة أطراف من أصل ستة اجتمعوا لإسقاط أردوغان، هم أشخاص سبق أن كانوا إلى جانب أردوغان وأركاناً في حزبه،فهنا تكمن المشكلة.
أول أطراف الطاولة السداسية ،هو حزب السعادة وريث “المعلم” نجم الدين أربكان”. وعلى الرغم من مرور عشرين عاماً ، لم يستوعب الحزب بعد ،أن أردوغان خرج من صفوفه ،وأسّس حزباً اكتسح الانتخابات على مدى عقدين، ونجح بتشكيل حكومة بمفرده ، ووصل إلى رئاسة الجمهورية، على الرغم من أنه يحمل مشروع حزب السعادة نفسه، لكنه قررّر العمل بطريقة مختلفة،بعدما باءت مساعي معلّمه أربكان بالفشل على مدى سنوات ،وانقلبت عليه الدولة العلمانية.
للأسف، أعمت الضغينة والحقد قلوب قادة حزب السعادة ،فكانوا ممن وضعوا اللبنات الأولى للطاولة السداسية، التي تستهدف إسقاط أردوغان!
الطرف الإسلامي الثاني على الطاولة السداسية، هو رئيس حزب الديمقراطية والتقدم علي باباجان. الذي لم يكن مهتماً بالسياسة، لاهتمامه بالاقتصاد، لكن حرص أردوغان على الاستفادة من تميّزه ،واختاره عام 2002 ليكون معه في تأسيس حزب العدالة والتنمية، ثم انتُخب عضواً في مجلس النواب في العام نفسه على لوائح الحزب، وعيّنه أردوغان وزيراً للشؤون الاقتصادية. ورغم وجوده في الحكومة، إلا أنه حاول دائماً الابتعاد عن الأضواء السياسية والتركيز على الإصلاح الاقتصادي. ليكتشف بعد خروجه من عباءة أردوغان وانقلابه عليه ميوله السياسية ،فأسّس حزباً سياسياً.
أما ثالثة الأثافي ،فهو أحمد داود أوغلو الذي ائتمنه أردوغان على حزبه ،فجعله خلفاً له في رئاسة حزب العدالة والتنمية. المعروف عن أوغلو ، أنه مفكّر أكاديمي ،ذو فكر واسع، بعيد عن العمل السياسي المباشر مع الناس. دخل السياسة مستشاراً لأردوغان قبل عشرين عاماً (2003)،وعيّنه أردوغان حين كان رئيساً للحكومة (عام 2009) وزيراً للخارجية، ليُنتخب عام 2011 نائباً عن حزب العدالة والتنمية ، ويصبح بعدها رئيساً للوزراء عام 2014، قبل أن يستقيل عام 2016 ،وينقلب على أردوغان.
اللافت في أحمد داوود أوغلو ، أنه صاحب استراتيجية “صفر مشاكل”، لكنه بعد انقلابه على أردوغان لم يعد يتذكّر شيئاً من رؤيته بتصفير المشاكل، والجهة الوحيدة التي اختار أن يفتعل معها المشاكل هي أردوغان ،الذي أدخله دائرة الضوء والعمل السياسي العام.
* كاتب لبناني.