مقالات

أبطال العالم ثلاث مرات: بيليه ومحمد علي كلاي

بقلم : د. حسن البراري العجارمة*
لعلّها من الموافقات ، أن يحصل السود على أفضل رياضي القرن العشرين على بطولة العالم ثلاث مرات: بيليه ( البرازيلي الأسود)رفع كأس العالم في ثلاث نسخ (1958، 1962، 1970)، ومحمد علي كلاي( الأمريكي الأسود) يطيح بالملاكم الصلب سوني ليستون في عام 1964 ، ليعلن إسلامه في اليوم التالي للمنازلة، ثم يرفض حرب فيتنام لأسباب دينية وإنسانية ، فيُجرد من لقبه ويمنع من ممارسة الملاكمة لثلاث سنوات، ثم يعود لينتزع البطولة مرة ثانية من الملاكم الأقوى في ذلك الوقت جورج فورمان في منازلة زائير في عام 1974 ، وهي المباراة التي أطلق عليها اسم The Rumble in the Jungle، ثم يحتفظ باللقب لسنوات قبل أن يخسره لصالح الملاكم ليون سبينكس في عام 1979، ليعود بعد ستة أشهر والفوز باللقب للمرة الثالثة أمام سبينكس نفسه ثم يعتزل.
محمد علي لم يكن أعظم ملاكم، بل أعظم شخصية لتأثيره الطاغي والهامة للسود في أمريكا، ومن حسن طالعه أنه ترعرع ،في وقت ترعرعت فيه حركة الحقوق المدنية بزعامة لوثر كينغ. أجيال من السود بدأوا يؤمنون بأنفسهم ووصلوا إلى مستويات غير مسبوقة في الرياضة، وما علينا إلا مراجعة ما قاله كريم عبد الجبار لاعب كرة السلة الأشهر في أمريكا. حارب محمد علي على ثلاث جبهات: الملاكمة، أقرانه من السود الذين قبلوا الوضع القائم، ودافعوا عنه، وحجم التوقّعات التي كانت تفوق ما يمكن لبشر أن يقوم به في بعض الأحيان، ونجح في الجبهات الثلاث.
بيليه بالمقابل حوّل كرة القدم من اركل واركض إلى كرة القدم الجميلة، لذلك أطلقوا عليه الجوهرة السوداء وملك كرة القدم وملك اللعبة الجميلة التي كان يجسّدها، ولا يمكن لك أن تشاهد أي حركة جميلة في كرة القدم اليوم إلا وترى أن أول من قام بها بيليه، وهناك في اليوتيوب ما يبرهن أن بيليه قام بكل حركة فنيّة قبل أقرانه وقبل من جاء بعده. بيليه قام بذلك في وقت لم تكن هناك حماية للاعبين – أدخلوا البطاقات الصفراء والحمراء بعد 1966 وبسبب ما تعرّض له بيليه من خشونة متعمّدة وزائدة عن الحد ،كونها الوسيلة الوحيدة لإيقافه – وفي وقت كان فيه قانون التسلّل أشد صرامة مما بعد 1974 ، وفي وقت لم تكن كرة القدم لصالح الهجوم ،وكان يسمح للمدافع بإرجاع الكرة للحارس ويلتقطها الأخير بيديه. كرة القدم اليوم أسهل من حيث إنها لعبة هجومية لصالح الهجوم، وبسبب قانون التسلّل الاسهل.
المشترك بين بيليه ومحمد علي أن ارثهما يتجاوز الأجيال، وأن قصتهما ستبقى تروى لأجيال وأجيال وبفضلهما تحوّلت اللعبة إلى فن.

باحث سياسي وأكاديمي أردني.
* (المقالة تعبّر عن الرأي الشخصي للكاتب، وليس بالضرورة أن تعبّر عن رأي الموقع). 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق