مقالات

حول الحملة على قرار جبهة العمل الإسلامي بشأن المشاركة في الانتخابات البرلمانية

د.أسامة أبوارشيد*

الضرورة تقدر بقدرها،والتنبيه إلى الخطأ، ينبغي أن يكون ضمن نطاقه. وما زاد عن حده انقلب إلى ضده.
رأيت أن بعض الكرام، ينقم على حزب جبهة العمل الإسلامي مشاركته في الانتخابات البرلمانية، ويجعلون من النتائج الهزيلة التي حصلت عليها “كتلة الإصلاح” الممثّلة له، دليلاً على صحة موقفهم.
من باب الأمانة،كنت كتبت قبل أسابيع ،أني مع مشاركة الجبهة في الانتخابات ،حتى لا يوظّف استنكافها ذريعة للبطش بها ،وبجماعة الإخوان المسلمين الأردنية،من قبل تيار استئصالي متربّص بهما.وكان رأيي أنّهما، ليسا في وضع قوي يمكّنهما من تحمّل تبعات حملة كتلك لو وقعت، لا سمح الله. ومن يقول، إنه كان الأولى بهما الاحتماء بالشارع غير الموجود،يوهم نفسه، ومن كان واهماً ليس له الحق ، أن يتوقع أن يسقط الآخرون في حبائل وهمه.
الجميع يعلم،أن هذا ما تريده مصر والسعودية والإمارات.يريدون توتير الساحة الأردنية،وخلق فتنة فيها.
عندما نصحتُ بالمشاركة،قمت بذلك عبر صفحتي، وليس بالتواصل مع أحد. وكان رأيي يومها – والذي أتفهّم أنه لم يحظ بتقدير لدى أصحاب الشأن، فلست مرجعاً في هذا الصدد -، أن تكون مشاركة رمزية في دوائر محدودة، بحيث لا يموت الذئب، ولا تفنى الغنم. كان واضحاً أن غالبية الشعب ستقاطع الاقتراع، ولم يكن من المنطقي، رمي كل أوراق القوة في غير ساحتها،وفي ظل غياب إمكانية نجاحها.
اختارت الجبهة مساراً آخر، أراه خاطئاً، في النزول بعدد كبير من المرشّحين في دوائر كثيرة. ولذلك لو كنت منتقداً، فستكون هذه هي حدود النقد، وليس التشنيع كما يفعل بعض الكرام على القرار برمّته، متناسين سياقاته وظروفه.
أعجب، من حصر البعض لومهم وتقريعهم في الطرف المتلقّي لظلم القانون الانتخابي ،واستهداف مرشحيه، ويغفلون أن الطرف الذي يُهندس هذا الظلم، هندسه ضد المجتمع كله، وليس ضد طرف واحد.
بالغت الجبهة في تقديرها للضرورة، بعدد كبير من المرشّحين، والدوائر الانتخابية. ويبالغ الناقدون لقرارها، في خطأ نسف أسس قرار المشاركة من حيث المبدأ، ولا أتحدّث هنا عن الإخراج والكيفية.
معركتنا الحقيقية كأردنيين، هي في الإصرار على قانون انتخابي عادل، وإعطاء البرلمان صلاحيات واسعة، ليعكس إرادة شعبية حقيقية. هذا لا ينفي أن الجبهة مطالبة بدراسة وافية شاملة لحقيقة ما جرى، والبحث عن نقاط الخلل، ليس فقط في إدارة حملاتهم الانتخابية، ولكن في قراءتهم للمشهد برمّته، بما في ذلك نوعية المرشحين، وتحالفاتهم، وعلاقاتهم بالعشائر …
لا تستغرقوا في العارض ،بل ركّزوا أيضاً على السبب.

*كاتب فلسطيني

 (المقالة تعبّر عن الرأي الشخصي للكاتب، وليس بالضرورة أن تعبّر عن رأي الموقع)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق