مقالات

مناقشة علميّة لأحقيّة قطر الشرعيّة وصوابية موقفها في تنظيم المونديال

بقلم : د. رامي العياصرة*
مخطئ مَن يقوّم مونديال قطر من زاوية أنه “لو صرفت مبالغ الإعداد للمونديال ( 200 ) مليار دولار على الفقر في العالم العربي والإسلامي لقضت عليه” ، إذ إن ذلك هو كلام نظري غير واقعي، لا يمتّ له بصلة لأسباب بسيطة و واضحة:
اولا: هناك واقع سياسي يفصل قدرة أي دولة الانفاق على فقراء أي دولة أخرى، خاصة في المحيط العربي لحساسية المواقف السياسية المعروفة، فما بالك وقطر للتو خرجت من حصار قاس من الأشقاء والجيران وليس من دول بعيدة.
ثانيا: في ظل وجود أنظمة حكم وحكومات لكل دولة عربية واسلامية، فهي المسؤولة أمام شعوبها ،وأمام الله تعالى عن سدّ حاجة الفقراء في بلادها وليست قطر وحكومتها.
ثالثا: لو فرضنا أن قطر وحكومتها توجّهت هذا التوجّه، وهو سدّ حاجة الفقراء في العالم العربي والإسلامي، فهل ستسمح لها الأنظمة الحاكمة، أم أنها ستعدّ ذلك تدخّلا في اوضاعها الداخلية، ولعبا في نسيجها الاجتماعي وشراء ولاءات الناس لصالحها ؟؟
رابعا: القول بأن إقامة الفعاليّات الرياضية المنضبطة، هي من باب التحسينيات أو حتى مكمّلاتها وفق المقاصد الشرعية ، وأن هناك أمورا ضرورية و حاجية كثيرة تتقدّم عليها، فإن هذا الأمر ( التي هي مراتب المقاصد الشرعية ) مراتب تخضع للتقييم و المراجعة الدائمة في نظر المقاصد الشرعية إذ نصّ بعض العلماء على أن بعض الحاجيات تنزل منزلة الضروريات ، معنى ذلك أن تصنيف الضروري والحاجي والتحسيني ومكمّلاتها شرعا، يجب أن تخضع لإعادة تقويم بحسب تطوّر حياة المجتمعات وظروف معيشتها وتلبية متطلّباتها، ولا يصحّ فقها أن تؤخذ على نفس تصنيف الفقهاء قبل مئات السنين، وإسقاط ما كان يصلح لهم على ما عليه مجتمعاتنا اليوم زماناً ومكاناً.
على فرض أن تنظيم مونديال كأس العالم من التحسينيات أو مكمّلاتها، فإن الشقيقة قطر اليوم ،وهي تتصدّر قائمة دول العالم في مستوى دخل الفرد من الناتج المحلي الإجمالي فيها ولعدة سنوات مضت ،فإنها شرعا قد تجاوزت تأمين الضرورات وتخطّت الحاجيات ووصلت إلى التحسينيات ومكمّلاتها بالنسبة لشعبها ودولتها، وبالتالي يصح لها شرعا إقامة المونديال كما تشاء.
أقول هذا الكلام، ليس دفاعا عن قطر وسياساتها ،إذ لا تربطني أي علاقة بأي رسمي قطري ،ولكن من باب المناقشة العلمية الهادئة والهادفة لبعض الفضلاء الذين لهم تصوّر مختلف ،ومن باب مقابلة الحجة والبرهان والدليل بمثله.
ولسبب آخر أكثر أهمية، وهو أن على الدعاة والمصلحين أن يفطنوا دائما لمتطلّبات حياة المجتمعات وفئآته المختلفة وشرائحه المتنوعة، والتي تتطوّر اليوم بشكل هائل ومضطرد، هذا على مستوى مجتمعاتنا العربية ،فما بالك بالمجتمعات في العالم الاسلامي غير العربية ؟
وما بالك بمخاطبة المجتمعات غير المسلمة في أركان الأرض شرقا وغربا بدياناته المختلفة وثقافاته المتنوّعة ولغاته وألسنه التي لا حصر لها ، كيف لنا كدعاة او كمسلمين أن نخاطب كل هؤلاء ونقرّبهم منا ونعرّفهم بإسلامنا علاوة على إقناعهم به، أو نقدّمهم أنفسنا بصورة صحيحة وسليمة على أقل تقدير.

* ناشط سياسي أردني.

* (المقالة تعبّر عن الرأي الشخصي للكاتب، وليس بالضرورة أن تعبّر عن رأي الموقع).

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق