تقارير و تحليلاتعام

ماذا قدم عباس لـ”غانتس” في “منزله”؟!

بقلم: علي سعادة *


بدت لي زيارة رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس لوزير جيش الاحتلال الإسرائيلي بيني غانتس في المنزل الذي يحتله شرقي “تل أبيب”،كما لو كان وزير بلديات أو وزير عمل أو تنمية اجتماعية، فكل ما خرج به من اللقاء ، هو عبارة عن تسهيلات خدمية، ستعود بالفائدة بالدرجة الأولى على المقرّبين من السلطة. ولم يتطرّق اللقاء إلى أية حديث عن حقوق سياسية وأمنية للفلسطينيين،وهو أضعف الإيمان !
عبّاس لم يطالب بوقف جرائم المستوطنين ضد القرى والمدن الفلسطينية، ولم يهدد باتجاه منع عمليات الإعدام الميداني التي ينفّذها جيش الاحتلال ضد الفلسطينيين، ولم يتحدّث حول الانتهاكات الصهيونية بحق الأسيرات وبحق الأسرى، ولم يطالب بتعويضات عن الأراضي الزراعية والممتلكات التي أتلفت وسرقت من قبل المستوطنين.
كل ما حصل عليه، كان عن عبارة عن منح و”إكراميات” تكرّم بها غانتس على سياسي،لم يطلق رصاصة في حياته، يفترض أنه يقود حركة تحرر وطني لحماية الشعب والأرض.
صحيفة “هآرتس” العبرية قالت: إن غانتس أقرّ سلسلة “تسهيلات” شملت تسوية أوضاع 6 آلاف فلسطيني لا يحملون الهوية الفلسطينية في الضفة الغربية، وتقديم موعد دفع أموال المقاصة بقيمة 100 مليون شيقل.كما تشمل منح 3500 فلسطيني الهويات الفلسطينية من سكان قطاع غزة.
واتّفق كذلك على منح 600 تصريح رجال أعمال لرجال أعمال فلسطينيين،ومنح 500 منهم تصريح إدخال مركبات إلى “إسرائيل”، وكذلك منح عشرات بطاقات الـ VIP لمسؤولي السلطة.
غانتس لم يقدم هذه “الأعطيات” مجانا، فقد استضاف “أبو مازن” من أجل الاتّفاق على تهدئة الأوضاع الميدانية في الضفة الغربية المحتلة، ومنع تدهور آخر للأوضاع. إذ تشهد الضفة الغربية المحتلة تصاعدا في المواجهات بين جيش الاحتلال الإسرائيلي والمستوطنين من جهة، والفلسطينيين من جهة أخرى، في وقت، تصاعدت فيه هجمات المقاومة الفلسطينية.
فيما قال مراسل موقع “والا” الإسرائيلي: ” إن غانتس قال لأبو مازن: إن هناك انخفاضا في عمل الأجهزة الأمنية الفلسطينية ضد المقاومة في الضفة، ويجب عليهم العمل أكثر”.
من جهة أخرى، كشفت وسائل إعلام إسرائيلية نقلا عن مصدر فلسطيني أنه خلال لقاء عباس وغانتس، “دخل الابن فجأة، وعرّفه والده على أبو مازن وأخبره بأن ابنه مجنّد في الجيش، أجاب أبو مازن: آمل أن يخرج السلام من هذا البيت”، فيما أشارت وسائل إعلام إسرائيلية أن ابن غانتس كان يرتدي “الكلسون”.
مراسل إذاعة “كان” العبرية، قال إن غانتس أهدى الرئيس الفلسطيني قنينة “زيت زيتون إسرائيلي”، حسب وصفه.
عباس قدّم من جانبه تنازلات أمنية كبيرة ، فقد كشفت وسائل إعلام عبرية، عن تفاصيل اللقاء الذي جرى عباس وغانتس.
وذكرت هيئة البث العامة الإسرائيلية “كان”، أن عباس تعهد بأنه لن يسمح بـ”العنف والإرهاب ضد المستوطنين طالما أنه في الحكم” على حد وصفه.
وأشارت الهيئة الإسرائيلية، إلى أن عباس أكّد لغانتس أنه لا يمكن التنازل عن التنسيق الأمني تحت أي ظرف. وذكرت أن عباس، قال إنه ينبغي بذل أقصى جهد من أجل خفض الاحتكاك في الضفة الغربية المحتلة حسبما ذكرت مصادر فلسطينية.
الكاتب والمحلل مصطفى الصواف يرى أن توقيت اللقاء يدلل على أن هناك شعور بالخطر يتولد لدى قيادتي السلطة والاحتلال من حالة مقاومة تتشكل وتتطور داخل الضفة الغربية المحتلة مما يهدد الطرفين. وأن عباس يريد استباق الأمور قبل أن تتطوّر وتنضج هذه التشكيلات المقاومة، ويصعب تطويقها والقضاء عليها.
القوى الوطنية الفلسطينية والمقاومة، رأت في الاجتماع انحرافا خطيرا عن الإجماع الوطني ،وتجاوزا لإرادة الجماهير المنتفضة في وجه الإرهاب اليهودي والاستيطاني الذي لم يُبق منطقة بالضفة والقدس إلا وجعلها هدفا لمشاريع الضم الاستعماري، وما هو إلا محاولة في سياق مؤامرة خطيرة، بحسب بيان لفصائل فلسطينية.
اللقاء المفاجئ ،سيرفع من حجم التوتير في الضفة الغربية، ويزيد من عزلة السلطة وقيادتها، وربّما لن ينجح في وقف إشارات تشير إلى انتفاضة جديدة ضد “تل ابيب” و”رام الله” معا.

  • كاتب وصحفي أردني

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق