تقارير و تحليلات

المخطط التنظيمي: النظام السوري يحرم سكان مخيم اليرموك من العودة

سوريا – كواليس:

أصدرت محافظة دمشق، مخططاً تنظيمياً لمنطقتي مخيم اليرموك والقابون، وأعطت مهلة لسكان المخيم من اللاجئين الفلسطينيين والمواطنين السوريين للاعتراض على القرار. ويغيّر المخطط الجديد، الذي أصدرته المحافظة في 25 يونيو (حزيران) الماضي، من ملامح المخيم، ويحرم نسبة كبيرة من سكانه من العودة إليه، إذ لن تتم إعادة إعمار بيوتهم وممتلكاتهم، بحجة أنها مهدمة كلياً، وسيعاد تنظيم المنطقة من دون النظر إلى طبيعة الملكيات السابقة. وحسب المخطط الجديد، فإن منطقة مخيم اليرموك الواقعة جنوب دمشق، تم تقسيمها إلى ثلاثة قطاعات، حسب نسبة الأضرار التي لحقت بها نتيجة العمليات العسكرية خلال السنوات الماضية، ما يخالف المخطط التنظيمي السابق الذي تم إقراره عام 2004، والذي يحافظ على الوحدة العقارية للمخيم، وتبلغ مساحة مخيم اليرموك 220 هكتاراً، يقسمها المخطط الجديد إلى قطاع “كبير الأضرار”، ومساحته 93 هكتاراً، وقطاع “متوسط الأضرار”، ب48 هكتاراً، والثالث “قليل الأضرار” ب79 هكتاراً. وبموجب هذا التقسيم، فإن مجلس المحافظة أوصى بالسماح بعودة السكان إلى المنطقة خفيفة الأضرار فقط، أي ما لا يزيد عن أربعين في المئة فقط من سكان المخيم. لكن منظمات حقوقية، حذَرت من أنه حتى ال40 في المئة من السكان المسموح بعودتهم إلى منازلهم في مخيم اليرموك نظرياً، لن يكون بإمكان الكثير منهم العودة بالفعل، بسبب نص في قانون التملك رقم 10 الصادر عام 2018، يطلب إثبات الملكية من الراغبين بالعودة، وهو أمر غير متاح للغالبية بسبب فقدانهم الوثائق، نتيجة الحرب والتهجير. كما أن الكثير من السكان الفسطينيين المقيمين في مناطق سيطرة النظام، يخشون مراجعة الدوائر العقارية الحكومية، بسبب التخوف من أن يكونوا مطلوبين لأي جهة أمنية، خاصة مع حملات الاعتقال المتكررة التي تستهدف سكان المخيم، والتي كان آخرها اعتقال 34 منهم الأسبوع الماضي. وقد عبّر سياسيون ومثقفون وناشطون فلسطينيون وسوريون، عن رفضهم لمحاولات النظام السوري تغيير هوية مخيم اليرموك، الذي يوصف بأنه عاصمة الشتات الفلسطيني، باعتباره أكبر تجمع للفلسطينيين خارج دولتهم، ويحمل رمزية كبيرة في النضال. وقال بيان تمّ تناقله باسم هؤلاء على مواقع التواصل الاجتماعي، إنه: “منذ قرابة عشر سنوات ومخيم اليرموك يتعرض لعملية شطب مدروسة وممنهجة، وفق أدوات وآليات مختلفة تنوعت بين القصف والتجويع والحصار والهدم والتدمير، وكذا تهجير سكانه، مروراً بمسرحية تحريره من تنظيم داعش في معركة هزلية دمرت أجزاء ومساحات واسعة من بنيانه”.

منذ قرابة عشر سنوات ومخيم اليرموك يتعرض لعملية شطب مدروسة وممنهجة

واعتبر البيان أنّ المخطط التنظيمي لمخيم اليرموك “حلقة مشبوهة في سلسلة شطب المخيم بكل رمزيته ومدلولاته الوطنية في الوعي والوجدان الجمعي لشعبنا الفلسطيني”، مضيفاً: ” يأتي هذا المخطط لينهي ما تبقى من المخيّم ويحوّله إلى حي من أحياء دمشق بعد تغيير ملامحه وشطب 50 في المائة من جغرافيته المعروفة والثابتة منذ آخر مخطط في العام 2004″. بدوره، طالب تجمّع “المؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج” في بيان نشره الاثنين الماضي، بالحفاظ على ما تبقى من مخيم اليرموك، ووقف المخطط التنظيمي الجديد الذي اعتبر أنه “يهدد بإنهاء عاصمة الشتات الفلسطيني وحق العودة لأكثر من 200 ألف لاجئ فلسطيني من سكان اليرموك”. من جهته، دعا رئيس الدائرة الإعلامية في حركة “حماس” في منطقة الخارج، رأفت مرة، إلى إعادة إعمار مخيم اليرموك وعودة أهله إليه، وتثبيت اللاجئين في المخيم وفي أماكنهم وممتلكاتهم القديمة التي كانوا يشغلونها. وتعقيباً على المخطط الجديد، رفض مرة أي محاولة لتغيير طابع مخيم اليرموك، أو إجراء تغيير في ملكية الأهالي، أو نقلهم إلى أماكن أخرى. كذلك، اعتبر “المركز السوري للدراسات والأبحاث القانونية” هذه الخطوة “محاولة لطيّ صفحات كاملة من جرائم النظام السابقة، وتغييراً ديمغرافياً بعد جريمة التهجير القسري، ومحاولة من المجرمين لقطع الطريق نهائياً على إعادة الحقوق للضحايا في المستقبل بتمكين آخرين من الاستفادة من الملكيات بعد تغيير ماهية وحدود العقارات والملكيات”. ورأى المركز أنّ “محاولة النظام إغلاق باب إمكانية عودة اللاجئين إلى بيوتهم، هي جزء من حربه عليهم لتدمير أي أمل لديهم في إمكانية تحقيق العدالة”. وفي السياق ذاته، أطلق محامون فلسطينيون وسوريون مبادرة للدفاع عن حقوق أهالي مخيم اليرموك، بعد المخطط التنظيمي الذي وصفوه بــ “المجحف بحق أهالي المخيم”. ونقلت “مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سورية”، عن محامين قولهم: إنهم سيتقدمون بدعوى أمام القضاء بصفتهم الشخصية بخصوص أملاكهم وأملاك أهالي المخيم المتضررين من قرار المحافظة. وطلب المحامون من أهالي المخيم التوجه إلى القصر العدلي، لتوكيل محامين بصفتهم الشخصية لتمثيلهم أمام القضاء. إلا أنّ “مجموعة العمل” قالت إنّ آخرين يرون أنّ “مثل هذه الدعاوى لا قيمة لها أمام القضاء السوري الذي يفتقد النزاهة والاستقلالية”. ولم يشذّ عن هذا الإجماع الفلسطيني بشأن التحذير من خطر شطب المخيم، إلا صوت المسؤول الأمني والعسكري في “الجبهة الشعبية – القيادة العامة”، خالد جبريل، الذي حمّل مسؤولية ضياع المخيم لسكانه، بسبب عدم وقوفهم إلى جانب قوات النظام حسب تعبيره. وقال جبريل خلال تسجيل صوتي تم تداوله عبر مواقع التواصل: إنّ “من باع مخيم اليرموك ليست محافظة دمشق، بل أهالي المخيم ومن هاجر إلى أوروبا”. الجدير بالذكر أنّ فصيل “الجبهة الشعبية- القيادة العامة” الذي يرأسه أحمد جبريل، والد خالد، كان له دور بارز في محاصرة المخيم وقصفه إلى جانب قوات النظام السوري خلال السنوات الماضية.


مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق