تقارير و تحليلاتعام

الصين .. نمر من ورق !

Yasser Abumuailek - ياسر أبو معيلق - YouTube

بقلم: ياسر أبومعيليق*
حتى نفهم تخوّفات عدد لا بأس به من الخبراء الاقتصاديين الصينيين من احتمالات “انفجار داخلي” للاقتصاد الصيني، إليكم الموضوع في نقاط ملخّصة:

  • لا يمتلك المواطن الصيني رفاهية اختيار أين يستثمر أمواله، بسبب القيود المفروضة على عدد من الأنشطة، ولذلك لجأت غالبية الصينيين إلى الاستثمار في العقار.
  • تشير إحدى الإحصائيات، إلى أن 70% من ثروات العائلات الصينية مستثمرة في العقارات.
  • إلى ذلك، فإن إجمالي القروض العقارية الممنوحة للأفراد في الصين ،تتجاوز 9 تريليونات دولار، أي ما يعادل نحو 61% من إجمالي الناتج المحلي الصيني لعام 2020 (المقدّر بـ14.7 تريليون دولار).
  • بالنظر إلى تفاصيل أزمة شركات التطوير العقاري، وخصوصاً أكبرها (إيفرغراند)، سنجد أنها، وبدلاً من استخدام أموال المواطنين لبناء المشاريع العقارية التي باعتها لهم، فإنها دفعت تلك الأموال لاستئجار المزيد من الأراضي من الدولة، والإعلان عن مشاريع جديدة ،وتحقيق أرباح جديدة (ما يشبه حيل التسويق الهرمي).
  • لو أخذنا بعين الاعتبار، أن تأجير الأراضي للمطوّرين العقاريين يشكّل حوالي 50% من دخل الحكومات المحليّة الصينية، سيكون من السهل علينا فهم تغاضي الدولة الصينية لفترة طويلة عن حيل شركات التطوير العقاري.
  • عندما أدرك الصينيون أن ما تقوم به “إيفرغراند” من ممارسات إجرامية ليس حكراً عليها، وأن عدداً كبيراً من المطوّرين العقاريين يقوم بنفس الممارسات، وأن إجمالي مديونية المطورين العقاريين وصل إلى 5.3 تريليون دولار، دبّ الرعب في قلوب الناس، وعقدوا العزم على التحرّك.
  • تراكمات أزمة “إيفرغراند” وتعثّرها حتى اليوم أفضت، في الأول من تمّوز (يوليو)الماضي، إلى انطلاق حملة شعبية لإجبار المطورين العقاريين على الإيفاء بتعهّداتهم وبناء المشاريع، وذلك عبر الامتناع عن سداد أي قروض عقارية لحين البدء في التنفيذ. حتى يوم 29 تمّوز (يوليو)،بلغ عدد المشاريع التي امتنع مشتروها عن سداد قروضها العقارية 300 مشروع في مختلف أنحاء الصين، بقيمة قروض إجمالية تتجاوز الـ100 مليار دولار!
  • من القطاع العقاري إلى المصرفي: البنوك هي التي تقرض المواطنين والمطوّرين، وكلاهما بضمان العقار (شقق أو منازل) الذي لم يتم بناؤه بعد!!
    لك أن تتصوّر ، إذن، حجم الكارثة التي تواجهها البنوك الصينية: فلا هي قادرة على تحصيل الأموال من قروض الأفراد ، لأن المزيد منهم ينضم إلى حملة المقاطعة والامتناع عن السداد، ولا هي قادرة على الاستحواذ على العقارات المقدمة كضمان للقروض، لأنها لا توجد سوى على خريطة المعماري.
  • لذلك، فإن أزمة القطاع العقاري أطلقت أزمة مصرفية قوامها عدة تريليونات من الدولارات، وتفوّق في حجمها ومداها الأزمة المالية العالمية التي وقعت سنة 2008.
  • على وقع هذا المصاب الجلل، قامت عدة بنوك صينية إما بتقييد الحد الأقصى المسموح بسحبه من حسابات المدّخرين، أو تجميد أرصدة المودعين تماماً، ما زاد من غضب المواطنين ودفعهم إلى الشوارع. في 14 تمُوز(يوليو)، دفعت الحكومة الصينية برتل من الدبابات إلى مقاطعة (هينان)الصينية، وأمرته بالتمركز أمام فرع بنك الصين هناك، بعدما صنف البنك ودائع المواطنين كـ”منتجات استثمارية” يُمنع سحبها!!
  • أخيراً وليس آخراً، تسعى الحكومة الصينية الآن لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، من خلال الإعلان عن منح شركات التطوير العقاري ما يقرب من تريليون دولار، بهدف تمكينها من الانتهاء من بناء مشاريعها. بالطبع، هذا النهج يتعارض تماماً مع موقف بكين إبان أزمة “إيفرغراند”، عندما رفضت إنقاذ الشركة بدفعات حكومية كي “لا تشجّع سلوك الأعمال الطائش” للشركات.
    ما نزال نتابع ما الذي سيتمخض عن حملة المقاطعة ،والإحجام عن سداد القروض، وكيفية تعامل الحكومة الصينية معها.حتى الآن، حجبت بكين مواقع محلية تقوم بإحصاء المقاطعين، وأمرت البنوك بعدم نشر إحصائيات التخلّف عن سداد القروض.
    في النهاية،ملاحظة صغيرة: في ظل كل ما ذُكر أعلاه، أرى أن الصين لم تعد مستعدة – لا سياسياً ولا اقتصادياً ولا حتى مجتمعياً – لمواجهة مع دولة عظمى كالولايات المتحدة، وهو ما يفسّر تغاضيها عن زيارة نانسي بيلوسي إلى تايوان. ولكن المثل القديم يقول : إن الصين لديها صبر ألف عام.
    لكن .. هل يصبر شعبها عليها؟
  • *صحفي فلسطيني

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق