بقلم : المهندس علي البغدادي*
في إطار الحوار الدائر حول موقف علماء الدين من قضية عودة العلاقات بين حماس وسوريا، يجب التوضيح بأن هذه القضية هي من قضايا السياسة الشرعية ، التي لا تخضع للنصوص ،بل تخضع لتقدير توازن القوى ،وحسابات المصالح والمفاسد.
ومكمن الحذر في أقوال العلماء في المسائل السياسية، أن قولهم عند العامة لا يعدّ رأيا مجرّدا، بل هي فتوى شرعية تنطق باسم الله تعالى، كما وصفهم قبل ذلك العلامة ابن القيّم في وصف غريب ( أعلام الموقّعين عن رب العالمين)
والسياسة الشرعية في الإسلام ،تقوم على أدوات وهي:
1-فقه الأولويات : ويعني أن نضع كل أمر في مكانه الصحيح، فلا نقدّم ما حقه التأخير، ولا نؤخّر ما حقه التقديم ، بل يكون لكل عمل سعره المناسب لقيمته.
2-فقه الموازنات : بالموازنة بين المصالح والمفاسد ،فتقدّم المصلحة الكبرى على الصغرى .. وتدرأ المفسدة الكبرى بالصغرى ،ودرأ المفسدة مقدّم على جلب المصلحة ،وإن كانت المصلحة كبرى فجلبها يقدْم على درء مفسدة صغرى.
3-فقه الواقع : ويرجع فيه لأهل التخصّص في القضية المطروحة، بحيث يكون الحكم مبنيا على العلم لا الظن ،ويتغيْر الحكم بتغيّر الواقع.
4-فقه النصوص الشرعية في ضوء المقاصد الكلية : بحيث تدور الجزئيات حول محور الكليات التي جاء بها الإسلام.
5-فقه التغيير :بمراعاة السنن الكونية في التغيير.
ومن يريد أن يفتي في عودة العلاقات مع سوريا ، عليه أن يكون مدركا للمشهد السياسي الإقليمي والدولي واللعبة الجيوسياسية في المنطقة، وطبيعة الأحلاف القائمة، وأن يمتلك قدرة على استشراف المستقبل.
لا أن يكتفي بذكر الآية الكريمة: (ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار)
وقبل سنين ،حدّثنا الدكتور عصام البشير ،أنه لم يفهم معنى السياسة الشرعية، إلاّ بعد أن أصبح وزيرا، فأدرك حينها أن سرد النصوص لا يكفي ،ولكن عليك أن تمتلك أدوات السياسة حتى تستطيع أن تفتي فيها.
* كاتب وناشط سياسي فلسطيني
(المقالة تعبّر عن الرأي الشخصي للكاتب، وليس بالضرورة أن تعبّر عن رأي الموقع).