مقالات

هل يذهب السيسي إلى قطر؟

أحمد شوقي العطّار*

الوقائع الأخيرة ،تؤكّد أن هناك تحركات مريبة ،ونواياها خبيثة ،ضد المصالح المصرية في ملفيّ سد النهضة وشرق المتوسط، وهذه التحرّكات تقودها الإمارات بلا شك.
في الملف الأول، تموّل أبو ظبي السد، ولديها استثمارات ضخمة ومعلنة في أديس أبابا تصل إلى 3 مليار دولار، وتقدّم لأثيوبيا الدعم في ملفّات أخرى، وتغدق عليها بالتبرّعات لأسباب تبدو إنسانية.
وفي بياناتها الرسمية ،بشأن أزمة السد ،تتّخذ موقفا يبدو محايدا في العلن، وإن كان في باطنه منحازا لإثيوبيا، ولا يتناسب بأي حال من الأحوال، مع ما تدّعيهعن عمق العلاقات المصرية الإماراتية التاريخية، وعمق التحالف بين البلدين، ويتناقض تماما مع موقف السعودية وباقي دول الخليج التي أعلنت وقوفها بجانب مصر والسودان ،وحقهما التاريخي بشكل واضح لا لبس فيه.
بل ذهبت مؤخّرا إلى ما هو أبعد لإلحاق الضرر بمصر، وسعت قبل أسابيع للفصل بين موقفي مصر والسودان بشأن الأزمة مع أديس أبابا، عندما تقدّمت بمبادرة في مارس الماضي للتوسّط بين السودان وإثيوبيا لحل خلافاتهما الحدودية، ومشكلة سد النهضة، وتجاهلت مصر تماما.
في الملف الثاني، تحاول الإمارات مؤخّرا، ضرب التقارب المصري التركي ،والاتفاقات المتوقعة بين الجانبين بشأن أزمة غاز شرق المتوسط.
وبعد أن انضمت إلى منتدى شرق المتوسط بصفة مراقب، بدعم وتأييد من مصر التي ترأس المنتدى، وعلى غير رغبة السلطة الفلسطينية أحد أعضاء المنتدى، انقلبت فجأة بعد التوافق المصري التركي، وعقدت مؤخرا مع إسرائيل واليونان وقبرص،اجتماعاً لإطلاق منتدى رباعي جديد في شرق المتوسط بخلاف المنتدى الذي ترأسه مصر، ولم توجّه الدعوة لمصر وفلسطين للمشاركة في المنتدى الجديد، الذي يهدف- وفق ما هو معلن- إلى زيادة التعاون في مسألة غاز المتوسط والتمهيد لشراكة استراتيجية متعددة المجالات ضد الخصوم المحتملين للدول الأربع.
على الجانب الآخر، لا يوجد حتى الآن ما يؤكّد بشكل رسمي مشاركة قطر في تمويل سد النهضة كما ادّعى بعض إعلاميينا من باب المكايدة، ورئيس الوزراء الإثيوبي السابق في 2018 نفى هذه الادعاءات. ومؤخّرا ،اتّخذت قطر موقفا جيدا في دعم مصر والسودان بشأن أزمة سد النهضة، وعرضت بالفعل التدخّل والوساطة لصالح مصر والسودان من أجل حل الأزمة.. وبعد لقاء وزير خارجيتها بالسيسي قبل يومين وتسليمه دعوة من أمير قطر لزيارة الدوحة، بدأت أمس محادثات قطرية إثيوبية بشأن الأزمة، أجراها نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري، الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني، مع وزير الدولة للشؤون الخارجية بإثيوبيا، ما يؤكّد دخول قطر بالفعل على خط الوساطة، وبمباركة مصرية.
في السياسة ،لا يوجد عدو دائم ولا صديق دائم، ووفق الأهداف والاستراتيجيات والمكاسب تتحدّد الصداقات والعداءات، ومصر الآن في حاجة ملحّة لأي طرف داعم لموقفها في أزمة السد، ومن هنا أرى أن التقارب المصري القطري،أصبح ضرورة ملحّة، وبنفس القدر ،أرى أن مصر لا بد أن تتّبع خلال الفترة المقبلة، سياسات رادعة للتحركات الإماراتية المناوئة للدور المصري بالمنطقة.
وأظن أن زيارة السيسي لقطر- العدو الأول للإمارات بالمنطقة- تصيب أكثر من هدف بضربة واحدة، أولا ،استغلال التأثير القطري وما لدى الدوحة من نفوذ داخل أديس أبابا للضغط على الجانب الأثيوبي لصالح مصر والسودان، وثانيا التحرّك في اتجاه ردع الإمارات ،لتتوقّف عن تحرّكاتها المضرّة لمصر في أزمتي السد وغاز شرق المتوسط،وهما من أخطر الملفات التي تواجه مصر الآن، وتعرّض مصالحها للخطر، وثالثا ،استعادة جانب جديد من الدور المصري بالمنطقة عبر احتضان دولة- رغم صغر حجمها- إلا أن لها تأثيرا كبيرا- لا يمكن إنكاره- في المنطقة خلال السنوات الأخيرة.

* صحفي مصري

(المقالة تعبّر عن الرأي الشخصي للكاتب، وليس بالضرورة أن تعبّر عن رأي الموقع)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق