بقلم: د. محمّد عيّاش الكبيسي*
أذكر هنا بعض المنشورات التي وصلتني وفيها النهي عن التلفظ بعبارات يستخدمها الناس، ولا أرى فيها وجها للتحريم، من ذلك
١- (جمعة مباركة) قالوا: لأنه دعاء غير وارد، ومعنى قولهم هذا أن ألفاظ الدعاء توقيفية ينبغي أن ترد بالنص، والحقيقة أن الدعاء ليس عبادة توقيفية، بل هو عبادة مطلقة، فلك أن تدعو لنفسك وإخوانك بالصحة والسلامة والرزق الحسن والنجاح في الدراسة وكل ما هو خير ، ولا يشترط أن يكون لفظ الدعاء واردا بنص، ولا أعلم واحدا من العلماء اشترط ذلك، نعم المنهي عنه اعتبار هذا اللفظ سنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، لأن هذا بلا شك نوع من الكذب. ولا أظن مسلما يدعي ذلك.
٢- (شهر كريم) قالوا: لأنه تشبيه باسم الله الكريم، وهذا باطل، فالله تعالى وصف النباتات بهذا الوصف فقال: (من كل زوج كريم)، ووصف نبيه عليه الصلاة والسلام فقال: (بالمؤمنين رؤوف رحيم) والله هو الرؤوف الرحيم، وورد في الحديث وصف سيدنا يوسف أنه (الكريم بن الكريم بن الكريم). وهكذا حديث (المؤمن القوي) والله هو القوي، لكن هذه الأسماء هي بحق الله مختلفة عن إطلاقها بحق الخلق، ولا أظن مسلما يقصد بها تشبيه الله بخلفه.
٣- (فلان رحمه الله) قالوا: لأن هذا إخبار عن الله بلا دليل، والحقيقة أن هذا ليس بإخبار، بل هو طلب بصيغة الخبر، وهو شائع في اللغة ومعروف في القرآن الكريم كما في قوله تعالى (والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء) فهو طلب بالاتفاق وإن جاء بصيغة الخبر.
٤- (انتقل فلان إلى مثواه الأخير) قالوا: لأنه متضمن لإنكار البعث!! وهذا من أغرب ما سمعت وقرأت، وهو تكلف لا يخطر على بال، فالناس إن أرادوا بهذه العبارة: المثوى الأخير يعني أنه انتقل من الدنيا إلى الآخرة، فهذا حق، والآخرة تتضمن البعث وما بعده، وإن كانوا يقصدون القبر فهو حق أيضا لأن القبر آخر منزل للإنسان في هذه الأرض، فلا أرى داعيا لهذا التكلف في اتهام دين الناس ونواياهم.
.
وهناك ألفاظ كثيرة غير هذه يحرمها بعض المفتين ولا أرى وجها لتحريمها. فمعناها عند الناس أوضح منها عند إخواننا هؤلاء، غفر الله لنا ولهم.
*مفكّر وفقيه وداعيّة إسلامي عراقي
(المقالة تعبّر عن الرأي الشخصي للكاتب، وليس بالضرورة أن تعبّر عن رأي الموقع)