مقالات

قضية حسن الخاتمة، أو سوؤها في الميزان القرآني

د. محمد الفقيه*

قضية حسن الخاتمة، أو سوؤها في الميزان القرآني ماذا لو أن شخصا،كان محترفا في الفساد والإفساد، ووافته المنية وهو ساجد بين يدي الله في صلاة الفجر، فما هو مصيره عند الله؟؟
وماذا لو أن شخصا صالحا مصلحا طيلة حياته، وقد وافته المنية
وهو متلبّس في قضية سرقة مثلا ،فما هو مصيره عند الله؟
وفقا للثقافة التراثية ،أن حسن الخاتمة أو سوؤها، يقرّر مصير الإنسان، إما إلى الجنة، وإما إلى النار ، ولكن في ضوء كتاب الله ،فإن مصير الإنسان، يتقرّر بناء على محصلة أعماله كلها ،فمن المبادئ الأساسية التي يقرّرها القرآن الكريم ،أن دخول الجنة، أو دخول النار، هو نتيجة محصلة أعمال الإنسان، حيث تحصى عليه أعماله كلها منذ أن أصبح مكلفا إلى لحظة وفاته؛ ففي ضوء محصّلة أعماله كلها، يتقرّر إن كان من أصحاب الجنة ،أو من أصحاب النار .قال تعالى:فَأَمَّا مَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ ﴿6﴾ فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ ﴿7﴾ وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ ﴿8﴾ فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ ﴿9﴾ وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ ﴿10﴾ نَارٌ حَامِيَةٌ ﴿11﴾
إذا لا يتقرّر دخول الإنسان الجنة ،أو دخوله النار، بناء على قيامه بعمل معيّن، وهو لا يزال في قاعة الإمتحان في الحياة الدنيا ، فصيام شهر رمضان ،لا شك أنه من الأعمال العظيمة، التي يحبّها الله ،وأن الصائم له أجر عظيم ، ولكن الذي يصوم رمضان إيمانا واحتسابا، لا يملك فرمانا لدخول الجنة،ولا يملك ضمانا أنه من عتقاء شهر رمضان،لأن دخول الجنة،والعتق من النار، هو محصلة أعمال الإنسان كلها، من لحظة تكليفه إلى لحظة وفاته ،لذلك ينبغي معايرة جميع الروايات، التي تشير إلى أن الصوم أو الصلاة أو الحج أو غيرها من الأعمال ،يستوجب القيام بها دخول الجنة ،ينبغي معايرة هذا الروايات على كتاب الله ،الذي ينطق بالحق، والذي يقرّر أن دخول الجنة أو النار ،هو محصّلة أعمال الإنسان كلها، منذ لحظة تكليفه، إلى لحظة وفاته.
لذلك من ضعف أمام شهواته في آخر لحظات حياته ووقع في معصية فيحاسب على قدر معصيته ،وكذلك من مات ساجدا بين يديّ الله،ولكن صحائفه مملوءة بالمعاصي، وأكل حقوق الآخرين، فيوزن سجوده بين يدي الله، وكذلك توزن محصلة أعماله كلها، ويتقرّر مصيره .
فالطريقة التي يموت فيها الإنسان ليست من اختياره، والإنسان لا يحاسب ولا يكافأ إلاّ على الأعمال التي كانت من كسبه.
وأما فيما يتعلّق بأن الأعمال بخواتيمها فالمقصود بذلك الكفر والإيمان،مع الأخذ بعين الإعتبار التوبة ، فالتوبة تجبْ ما قبلها، أما ما يتعلّق بحقوق العباد، فلا بد من تسويته قبل يوم الحساب.
وكذلك فيما يتعلّق بالكفر ،وكل ما ينافي الإيمان، فالكفر محبط للأعمال مهما عظمت .

*باحث أردني في الفكر الإسلامي

(المقالة تعبّر عن الرأي الشخصي للكاتب، وليس بالضرورة أن تعبّر عن رأي الموقع)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق