مقالات

الكشف عن قتلة الشيخ الرفاعي وأد فتنة مذهبية كانت ستحرق الأخضر واليابس !

بقلم : أوّاب إبراهيم المصري*
مقتل الشيخ أحمد الرفاعي ،جريمة بشعة بكل المقاييس. سواء لناحية الطريقة الوحشية التي نُفّذت بها، أو لناحية الخلفيات المالية والبلدية والعقارية السخيفة التي دفعت القتلة لارتكاب جريمتهم، أو لناحية قُرب القتلة من القتيل ، ومعرفتهم الوثيقة به ،وصلة القربى والتداخل العائلي فيما بينهم. ما زاد في بشاعة الجريمة أن المحرّض عليها والمخطّط لها وربما ارتكبها ، يحمل إجازة في الشريعة الإسلامية ،ويعدّ نفسه عالماً من علماء المسلمين، ويقدّم نفسه وجيهاً بين أبناء قريته، وتحدّث في لقاء علمائي شعبي في منزل القتيل مطالباً الأجهزة الأمنية بالبحث عن الجناة.
ما يستحق التوقّف عنده ،هو مسارعة البعض لتوجيه “اتهام الفتنة” لجهة أو لحزب أو لجهاز أمني بالوقوف وراء اختفاء الشيخ ،دون امتلاك هذا البعض أيّ دليل أو بيّنة.
على مدى أيام ،كرّر البعض بالغمز واللمز والاتهام الموارب والصريح في تصريحات ومقابلات إعلامية وتغريدات ومواقف على وسائل التواصل الاجتماعي اتّهامات باتجاهات عدة، لكن معظمها تركّز على حزب الله، والدافع حسب هؤلاء أن الشيخ رحمه الله كان ينتقد الحزب.
تكشّفت تفاصيل الجريمة المروّعة ، وتمّ التعرّف على القتلة ،وتبيّن أن الاتهامات التي كانت تُطلق يمنة ويسرة لا أصل لها. لكنني سأفترض أن تفاصيل الجريمة لم تتكشّف ،وأن الأمور بقيت على حالها من الغموض، أو أنه تمّ العثور على جثة الشيخ الرفاعي دون معرفة هوية الجناة، فهل يصحّ توجيه اتهام وإعطاء أبعاد مذهبية أو سياسية لها في غياب أي دليل يدعم هذه الاتهامات؟!.
إنني هنا لا أتحدّث عن ضرورة تحرّي الصدق في الأخبار والتأكّد من صحتها، وعدم إطلاق الاتهامات جزافاً، بل أتحدّث عن المصلحة. هل من مصلحة الطائفة السنيّة التي يحمل البعض لواء التحدّث باسمها إذكاء فتنة مذهبية أو سياسية ،قد تؤدّي لإراقة المزيد من الدماء؟. هل من المصلحة أيها الأغبياء توجيه اتهام لحزب الله بارتكاب جريمة ، مع ما يستتبع هذا الاتهام من تشنّج واحتقان مذهبي ومواجهات وإشكالات قد نعرف كيف تبدأ ، ولانعرف كيف تنتهي .
الجميع يدرك قدرة حزب الله العسكرية والأمنية والشعبية التي تفوق قدرة الدولة ،فكيف بقدرة أبناء قرية أو مجموعة شبان أو جمعية، فهل من المصلحة الدفع باتجاه افتعال مواجهة قد تأخذ أشكالاً دموية.
ربما يستقوي البعض على أشخاص يؤيّدون حزب الله في منطقة لا يملك فيه الحزب نفوذاً، ولكن ماذا عن المناطق الكثيرة الأخرى، وماذا لو دخلت جهة ثالثة (خارجية أو داخلية) لتُذكي الفتنة بين المتخاصمين ، بهدف إشعال فتنة ومواجهات بين السنّة والشيعة سيكون حزب الله هو المنتصر فيها حتماً، في ظلّ الفرقة والضعف والهوان و”الهريان” الذي تعيشه الطائفة السنّية.
المتضرّرون من أيّ فتنة أو مواجهة أو صراع ،هم الذين ينتمون للبيئة نفسها التي ينتمي إليها الشيخ المغدور رحمه الله، فهل من المصلحة النفخ في فتنة ،سيكون الخاسر فيها ذوو المغدور وصحبه وقريته ومن يحبهم وجميعهم من أهل “السنّة”؟!.
أمر آخر أشار إليه “النافخون” في الفتنة بعد انكشاف الجهة التي ارتكبت جريمة قتل الشيخ الرفاعي، وهي تأييد القتلة لحزب الله، وظهورهم في مناسبات له ،وعلى رأسهم المحرّض للجريمة والمخطّط لها رئيس بلدية القرية. فهل ذنب حزب الله أن أبناء قرية (القرقف) انتخبوا رئيس بلدية يؤيّده ،وأنهم يجدْدون انتخابه في كل استحقاق بلدي. وبات معلوماً أن الشيخ المغدور ،كان يسعى لعدم التجديد للمجرم رئيس البلدية في الانتخابات البلدية الأخيرة، لكن مساعيه خابت أمام رغبة أكثرية أبناء قريته. إن مسؤولية تأييد رئيس بلدية قرية عكارية في أقصى شمال لبنان لحزب الله ،لايتحمّله الحزب، بل أبناء القرية، وكل قرية أو بلدة أو مدينة أخرى يدّعي غالبية أبنائها مناهضة جهة ، ثم يختارون مؤيّدين لها في الانتخابات.

كاتب لبناني.

* (المقالة تعبّر عن الرأي الشخصي للكاتب، وليس بالضرورة أن تعبّر عن رأي الموقع).

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق