مقالات

حسن الشافعي الإصلاحي الكبير الذي لم يأخذ حقه

بقلم : محمّد الصيّاد*
مولانا الشيخُ حسن الشافعي إصلاحيٌّ كبيرٌ، بل إنني أزعم أنّه تقدّم على مشايخ المدرسة الإصلاحية في كثيرٍ من المسائل..
1- ففي الوقت الذي يصف فيه جمال الأفغاني أحمد خان بأنّه: “خلع لباس الدين، وابتغى الفتنة بين المسلمين”، يُخالفه الشيخ حسن الشافعي ويلتمس الأعذار لأحمد خان قائلا: “إنه في نظري لم يكن خارجا عن الدين، ولكن بعض تفسيراته للحقائق الإسلامية كانت متأثّرة بالفكر المعاصر أو بشيوع النزعة العلمية..”.
2- وهو في موضع آخر يدافع باستماتة عن الشيخين: الشيخ رفاعة الطهطاوي وشيخه حسن العطار، ومدح معارضة رفاعة لمحمد علي في هيمنته على التعليم الأزهري، ومحاولاته، أي رفاعة، في استقلال الأزهر والنأي به عن السلطة.
3- كذلك فهو أشعريّ يعتزّ بأشعريته، ولكنه في نفس الوقت يدعو للحوار مع المخالفين، كالسلفيين والشيعة، والإباضية، وغيرهم، لأنه لا يجوز عنده أن: “نُخرج قوماً أو طوائف أو فرقاً بأسرها من جسم الأمة”!.
4- والشيخُ لا يدعو للحوار مع “الإسلاميين” (باصطلاح أبي الحسن) فحسب، بل يدعو للحوار مع العلمانيين، ويثني على الأديب الكبير نجيب محفوظ ويمدحه في حياته، ويرى إمكان التوفيق بين الجانبين!. وهو في موضع آخر يدعو إلى حوارٍ إسلاميّ مسيحي صادق وعميق..!
5- والشيخ يرفض المذهبية الضيّقة، فيدعو العلماء المتأهّلين إلى الاجتهاد، ولم يحصر الحق في المذاهب الأربعة ، كما فعل المتشددون من المقلّدة (وهو في ذلك يسير على درب الجمهور، من المتقدّمين والمتأخّرين و عندما جوّزوا تقليد المذاهب المعتمدة لأهل القبلة (كالمذهب الظاهري)، كما قرر التاج السبكي، والشيخ الأمير).
6- والشيخُ على نهجِ مشايخه الكبار في المدرسة الإصلاحية ،أمثال : جمال الأفغاني ومحمد عبدة وابن عاشور، ومحمد الغزالي ،يدعو إلى دولةٍ دستورية عادلة، تُنصف المظلوم، وتطبق الإسلام الصحيح، وتتداول فيها السلطة بصورة سلمية، ويستحضر دائما ثورة عرابي، وثورة 19، وكأننا أمام بخيت المطيعي في 19 أو أمام الشيخ العدوي في 1882، أو أمام الميرزا النائيني 1905م.
7- انفتح الشيخُ على الجميع ، ولم يشتبك معهم على طول الخطّ، كما فعل د. محمد عمارة مثلا مع الشيعة والعلمانيين، أو حتى كما فعل محمد الغزالي من قبل مع العلمانيين..
وأخيراً، فإنّني أرى أنّ الشيخ من أهمّ أعمدة مدرسة الإصلاح في العصر الحديث، وسوف يقف عنده التاريخ كثيراً كثيراً، وأزعمُ أنّه لما يفهم بعد، ولم يأخذ حقه من الدرس والاستقراء، والله المستعان .

 * باحث مصري في الفقه الإسلامي.

 * (المقالة تعبّر عن الرأي الشخصي للكاتب، وليس بالضرورة أن تعبّر عن رأي الموقع).

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق