مقالات

اعتذار لقادة حماس عن انشغالنا عنهم بالبنطال الممزّق !

عبدالهادي راجي المجالي*

كان قادة حماس اليوم في الأردن ، يشيّعون شقيقهم المجاهد غوشة ،على رأسهم (إسماعيل هنيّة) (وخالد مشعل) )…لم يعرضهم الإعلام في مطعم فاخر ،ولا في جلسة مريحة ،ولا في مزرعة بعيدة عن عمّان … لم تعرضهم الصور أيضا ، في جاهة ولا في حفلة صاخبة …كانوا في مسجد الجامعة مع الله ، يصلّون له ويدعون لمجاهد صلب- ارتقت روحه لعليين- بالرحمة …
(حماس ) انتصرت ،لأنها مع الله ،ولأنها ترفع راية الله …انتصرت ، لأن المساجد والمآذن تقاتل معها .. ولأن النساء الطاهرات القانتات في غزّة..نذرن الأرحام كي تنجب من يحترفون على الشهادة ، وليس من يجرؤون على الدفاع عن بنطال ممزّق ..
كنت أتمنّى لو أن الدفاع المستميت من بعض من يسمْون أنفسهم تيارا مدنيّا، ويطالبون بإقالة مدير التلفزيون … لو أن دفاعا بسيطا ليس بمستوى الدفاع عن البنطال الممْزق ، صدر منهم ..للمطالبة بإعادة إحياء العلاقة مع (حماس) ..كنت أتمنّى لو أنهم أصدروا نعيا للمجاهد غوشه ، كنت أتمنى لو أنهم عرجوا ولو قليلا على النساء الصابرات في (غزة) ،اللواتي اكتوين بنار القذائف ،وتحدّثوا عن أم حسن او أم حمزة ،أو عن الطبيبة التي استشهدت يوم زواجها ،وشيّعها البحر والرمل والبارود ..
كنت أتمنّى لو أنهم التقطوا اللحظة التاريخية ،وطالبوا الدولة بلقاء رسمي وعلني ،مع هؤلاء الشوامخ … ولا أكذب إن قلت إنهم ليسوا بقادة، بل أعلى شوامخ الأمة وأعلى منارات الكرامة ..
لكنهم تركوا كل ذلك ،واختصروا الدم والبارود والمعركة والتاريخ ، وصار همهم الدفاع عن ركبة …هل هذه هي المدنيّة؟ هل هذه هي ليبراليتكم المزيّفة ؟ ..هل مراجلكم اختصرت بالهجوم على مدير مؤسسة، لم تضعه في موقعه امريكا .. ولا منظمات الأن جي أوز …
قادة حماس.. كانوا في عمّان اليوم ،جلسوا على السجاد البسيط، صلوا لله كل الركعات ، وفتحوا الأكف ودعوا لفلسطين …وقد تركوا خلفهم ، مخازن جاهزة لدك الصواريخ، تركوا خلفهم … بعضا من المجاهدين يلتحفون الرمل .. والإصبع على الزناد …تركوا الزنود التي تبني ما دمّرته الحرب ، والمهم أنه تركوا خلفهم … أجمل نساء خلقها الله في الأرض .. نساء (غزة )… البحر كحّلهن ..وعطرهن الصلاة التي يرفعن الأكف فيها لله … وأقسم أنهن حين يرفعن الأكف ترتفع السماء معها …فهن اللواتي ارتضين الشهادة والتهجير والنفي ..وكانت زينتهن .. في الدنيا أن يقال لهن : بأن تلك شقيقة شهيد ، وتلك زوجة شهيد ، وتلك بنت شهيد ..
قضية النساء هناك ، ليست البنطال الممزّق .. ولكنه الجسد الذي يمزّق حين تسقط قنبلة فراغية ، على منزل .. ويلملمن أشلاء الشهيد ، وهنّ من يقرأن عليه الفاتحة .. وإن انشغل الرجال بالمعركة ، فسيقمن بتشييعه إلى مستقره الأخير ….وعند الله سيجمع هذا الجسد ، ويكون الشهيد .. هو يوسف في الجمال …..وهو السارية والنصر والمنهج ..
كان على تيار الدولة المدنيّة بدلا من النحيب على بنطال ممزّق … أن يرى البارود والصاروخ والرصاص والشهداء وفلسطين .. في مسجد الجامعة …
أعتذر لكم إخوتي قادة (حماس ) .. انشغالنا عنكم بالبنطال الممزّق ، ولكن قلبي معكم .. واليوم قمت بالصلاة في مسجد آخر، ودعوت لفقيدكم الكبير … ولو كان بيدي لاستقبلتكم في الكرك …وهناك رفعنا كتاب الله وحده …ورأينا فلسطين .. وتحدّثنا عن العودة …
يارب خذ بيدنا …لقد اختصروا وطنا من الرماح والتاريخ والمجد في بنطال ممزّق ..
خذ بيدنا يارب.

*كاتب أردني ساخر

(المقالة تعبّر عن الرأي الشخصي للكاتب، وليس بالضرورة أن تعبّر عن رأي الموقع)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق