أخبارعام

كاتب أردني ينتقد عون الخصاونة لمقارنته المصري بهزّاع المجالي ويقول له: من عزف عن المشاركة في عزاء غوشة لايقارن بمن قدّم دمه فداء لفلسطين !

وجّه الكاتب الأردني( عبدالهادي راجي المجالي)، رسالة منشورة، إلى رئيس الوزراء الأردني -سابقا-عون الخصاونة، انتقد فيها كلمته، التي قارن فيها، بين رئيس الوزراء الأردني( هزّاع المجالي)، الذي قُتل في عملية تفجير وقعت في مكتبه برئاسة الوزراء، عام ١٩٦٠م، وبين رئيس الوزراء الأردني-سابقا-، طاهر المصري. وعرّض المجالي في رسالته بالمصري، مشيرا إلى أنه لا مجال للمقارنة، بين المصري، الذي عزف عن زيارة سرادق العزاء بالقيادي الراحل في حركة حماس، إبراهيم غوشة، وبين هزّاع المجالي، الذي قدّم روحه فداء لفلسطين، وفق لتعبيره !
وفيما يلي النصّ الكامل لرسالة المجالي:
رسالة إلى عون الخصاونة
بقلم: عبدالهادي راجي المجالي
لقد صعقت أمس، حين قرأت كلمة عون الخصاونة،في حفل إشهار مذكرات طاهر المصري …..صعقت أولا، لأن الشهداء هم إرث وطني،لايخضعون للمقارنة،ولا للمفاضلة،ولا يصلحوا أن يكونوا أسئلة في احتفالات الكنب الفاخر ،والسجاد الوثير …صعقت ،حين قورنت مذكّرات المصري، بمذكّرات هزاع المجالي …وثمة فارق بين من ولد وعاش في زمن الحرب والدم …وسقط صريعا شهيدا، وبين نتاجات البيروقراط ،ومناكفات ياسر عرفات.
دولة الرئيس العزيز ..
ثمة فارق بين من عزف عن تقديم واجب التعزية ب( غوشة) ، أحد قادة (حماس) ،وبين من من قدّم دمه فداء لفلسطين،حين أصرّ على فكرة قاتل من أجلها ،وحين أصر على حلٍ كان فيه شرف المباديء يتجلّى, ،وكانت فيه رجولة المرحلة، تقتضي دفع الدم مهرا للمواقف،وكانت الدنيا ضرام …هزّاع الذي أنتج فكرة الكيان الفلسطيني والدولة،يقارن بطاهر؟!…توقّف سيدي قليلا،فنحن لسنا جهلة،حتى نقبل بمجاملاتكم لبعض .
أي دولة تلك التي يجلس فيها رؤوساء وزارات،مدجّجين (بالبيير كارديان)،و(المسيمو دوتي) ..وربطات (الهيرمز)،ويوظّفون التاريخ والدم في إطار مجاملات،لا أفهم المغزى منها أو المعنى.
السؤال الذي أود طرحه لرئيس وزرائنا الأغر عون الخصاونة،هو : باعتقادك من هو الفلسطيني أنا،أم طاهر المصري… أنا قاتلت مثلي مثل أهل غزة، وكتبت وطاف كلامي كل الأردن وكل فلسطين ..وسكبت دمعة حب حري على زكريا الزبيدي، وحين أبكي على فلسطين، لا أبكي مجاملة , لكن ما صنعه أهلي من إرث وعبقرية في القتال والموقف .. وجهاد ما بعده جهاد ، ما صنعته العشيرة والجنوب ..وخطى كايد المفلح العبيدات …يجعلني على الأقل أتفوّق في فلسطينيتي،على من أغلق هاتف جواله حين مات (إبراهيم غوشة)،وانخرط في الموقف الرسمي خوفا ….بالمقابل أنا ذهبت لهناك بدعوة من( محمّد نزّال)،وعانقت القادة،وتحدّثنا مطوّلا …وهذا شرف ما بعده شرف ،حين تقابل مقاتلا شرسا مثل هؤلاء القادة ..فعليك أن لا تحسب حسابات الخوف أو حسابات الدولة …
من خاف تأدية واجب عزاء،لا تجوز لك مقارنته بهزّاع، لأن هزّاع عاند عالما عربيا كاملا،وقدّم موقفا كان فيه الشرف القومي عنوانا،وكانت الكرك،هي المبتدأ وهي الخبر ،ودفع دمه.
لو قرأت جيدا لعرفت أن حكومة المصري،كانت مناقضة لشخصيته , مناقضة لبساطته …مناقضة لأخلاقه ودماثته ،فهي أنتجت من الإنتهازيين ما أنتجت ..وربما تعرّى عبرها امتزاج اليسار بالأمني ..وامتزاج الأمني بالثوري، تبيّن عبرها أن نسبة من كانوا يحملون البنادق،لم يحملوها لأجل المباديء ، بل لأجل رضى مصطفى باشا القيسي – رحمه الله – وأسكنه منزلا يليق، برجولته ووطنيته ..ومصطفى كان يعرف مكامن النفس الأمّارة بالسوء من النفس المنتجة للمعاني السامية الخيّرة …
سأختصر لكم القصة ..كانت حكومة فيها الترجمة الخالصة لمعاني قصيدة مظفر النواب : ( وهذا الثوري المتخم بالصدف البحري ،ببيروت تكرّش حتى عاد بلا رقبة ) ….تلك حكومة ..كانت في شكلها يسارية ومعارضة ، وفي عمقها أشبه بمن تخطب ود المؤسسات الأمنية ،لابل تتسوّل رضاها …وقرأت حجم النقلة التي حدثت في المجتمع ،حين عاد من كانوا يسمّون أنفسهم (بالثوريين) للبلد،لأدركت حجم الشقاء الذي خلّفوه، ونعيش تبعاته الآن.
دولة العزيز ..عون الخصاونة .
كل الأدب الفارسي ،بالغ في الأسطورة ..لا بل صنع الأسطورة وقام بتمجيدها , ومحمد عابد الجابري يقول في تفسيره للأمر :العرب لم يكونوا أمة قاسية، تنتج طغاة في السلطة , ولكنهم تأثّروا بكسرى،فهو انتقل من مرحلة الحاكم لمرحلة الإله …وقد استوردنا النموذج ،وطبّقناه في عالمنا العربي …
أنا أفهم أنك متأثّر بالأمر ،ومتأثّر بهذا الأدب،لكن طاهر ليس كسرى ،وليس بذاك النقاء الذي افترضته , هذا مخالف للعقل البشري ..أصلا هذا ضد طبيعة المرء وسيكولوجيا الحياة … من قال إن الحقيقية بيضاء تأكد أنه ظالم ، لأن بلادنا الحقائق فيها مغيّبة،وما يظهر هو الأدوار، وكل المذكرات التي كتبت، إنما هي بيّنات دفاعية لمحاولة مسح سواد المراحل ،هي في النهاية تختصر في جملة واحدة،يريد أصحابها أن يقولوا لنا :( نحن لم نكن أدوات) , لكن صدّقني أنهم كانوا مجرد أدوات فقط …..
ماذا يمنعك سيدي دولة الرئيس، من الجلوس في المنازل ، واستقبال الناس والحديث معهم عن الحياة والذكريات …التقاعد أمر جميل …فيه راحة، وحياة فضلى وفيه تتجلى محبة الناس …التقاعد لايجيز لأحد أبدا أن يجير التاريخ ..لأجل تقديم المحبة والود لصديق .
أنا لا أريد أن أتطرّق لجملة عرفات “كان يخشاني” ،عرفات لم يخف من “إسرائيل” …واختار نهاية مشرّفة، مثل صدام حسين ..اختار أن يسقط شهيدا محاصرا مسموما …هل من اختار الموت المشرف نهاية له ،باعتقادك كان يخشى طاهر المصري ؟!
كنت أظن حركة ذبحتونا ..حركة طلابية مجرّدة …ولكني اليوم قررت الإنضمام لها، فهي صرخة، وليست حركة… صرخة من أجل تعرية مشهد أتعبنا كثيرا !

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق