مقالات

حافظ أبوسعدة المدافع عن الطغيان في ذمّة الله

محمد إلهامي*

في مجلس قديم، من مجالس أيّام النضال، أيام كان يجتمع الشاب الإسلامي واليساري والليبرالي والناصري، ولا يفكّرون في غير التخلص من مبارك، وإقرار الديمقراطية!
أخبرني صديق، كان صديقا ناصريا قريبا من حافظ أبو سعدة، أنه رآه وهو يُكَهْرِبُ نفسه، كمحاولة للتدريب على تحمّل التعذيب في السجون!
كان حافظ أبو سعدة ناصريا، وكان في تنظيم مصر أيام السادات، ثم صار في معظم زمان مبارك مدافعا قويا عن حقوق الإنسان!
ساعتها استغربتُ، وقلتُ في نفسي: انظر إلى هذا الناصري، كيف اجتمع في نفسه حب عبد الناصر ،وكراهية التعذيب والخوف منه، ألا يعلم أن عبد الناصر، هو ملك ملوك التعذيب في مصر الحديثة؟! فالسجون الناصرية حطَّمت خيال السجون في أيام الاحتلال الإنجليزي!!
ثم ذاق أبو سعدة حلاوة أموال التمويل،فما إن كان نظام مبارك يظهر له بعض العين الحمراء عند بعض المواقف وبعض القضايا، إلاّ وتكون مصلحته أولى وأحب إليه ،وأقرب من حقوق الإنسان كلّها !
ثم جاء عصر السيسي،عصر المذابح العلنية،التي تحدث في وضح النهار وتنقلها الشاشات.. لم يكن عصر السيسي أشدّ بطشا من عصر عبد الناصر، أو عصر مبارك، لكن من سوء حظ السيسي، أنه جاء في زمن الفضائيات،ومواقع التواصل الاجتماعي!
وكان من سوء حظ النشطاء والسياسيين،أن السيسي ليس سياسيا مثل السادات، ولا كان نظامه مستقرا مثل مبارك،ليفكّر في ترك هامش للمعارضة الأليفة المستأنسة!
هنا، انضمّ حافظ أبو سعدة بكل قوته إلى النظام، ولحس كل ما يعرفه عن حقوق الإنسان!! وبلغ في هذا حدًّا شنيعا، حيث زعم أن المساجين يأكلون الكباب والكفتة والفواكه، شهد بذلك صوتا وصورة، وهو أول من يعلم أنه تمثيل وزور وكذب!
وها قد مات حافظ أبو سعدة..
(ولقد جئتمونا فرادى كما خلقناكم أول مرة، وتركتم ما خولناكم وراء ظهوركم)
فمن أضلُّ ممن آثر الدنيا على الآخرة، وخشى الطاغية أكثر من خشيته لله؟!!

*باحث في التاريخ والحضارة الإسلامية

(المقالة تعبّر عن الرأي الشخصي للكاتب، وليس بالضرورة أن تعبّر عن رأي الموقع)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق