مقالات

حل الإخوان في الأردن

أيمن صندوقة*

تحرّكات السلطات باتجاه حل جماعة الإخوان المسلمين في الأردن ،تأتي في سياق محاولة بعض الأنظمة العربية استباق أي ضغوطات لاحقة قد تمارسها عليها الإدارة الأمريكية الجديدة ،نحو الحريّات بأي صورة من الصور .
هذا لا يختلف عن بيان هيئة “كبار العلماء” السعودية مؤخّرا، باعتبار الجماعة جماعة إرهابية.
كل نظام يحاول التموضع في علاقته بالإخوان، وتحصين الحد الذي يقبله في وضعهم لديه خلال الفترة القادمة، وهذا التحصين يأخذ شكل الأحكام القضائية، أو الفتاوى الشرعية، حسب طبيعة الدولة، وما يناسب “حصانة” الموقف المطلوبة .
على كل حال ،وسواء اتفقت- عزيزي القارئ – مع هذا التحليل أم لا، فليس من شك أن الإقدام على حلّ الجماعة، هو تغوّل جديد على حريّات الناس، وحقهم في تشكيل الجمعيات ،والتعاون على ما يرونه ويحبونه، بما لا يخالف الدستور والقانون ،ولا أعرف ماذا فيما يتعاون عليه الإخوان المسلمون من مخالفة لدستور دولة، يشير إلى أن دينها الإسلام، وفيها جمعية أخرى مرخّصة بنفس الاسم ؟! مع العلم أن تلك “المرخّصة “عمرها سنوات قليلة، وتلك المراد حلّها عمرها من عمر الدولة الأردنية !!
جميع التيارات والأحزاب الراشدة ،وسواء اتفقت مع الإخوان ،أم لم تتفق ، عليها أن تقول لا لهذا التغوّل وقوفا مع مبادئ الحقوق والحريات ،التي تعجّ بها مبادئ وأدبيات الجميع في الورق على الأقل ..
بعض خصوم الإخوان ،تسعدهم هذه الأخبار، وهذا مؤسف ومؤشّر على كذب ادّعاءات هؤلاء في الدعوة للحريات والديمقراطية .. وبعض منتقدي الإخوان الطبيعيين ،قالوا في أنفسهم (وعلى الملأ أحيانا) : ربما هذا أفضل .. فقد نصحناهم سابقا، أن يتقدّموا ويحلّوا أنفسهم! ويكفي أن نلفت نظر هؤلاء ،أن الفرق شاسع، بين أن يقتنع الإخوان أنفسهم بنصيحتكم تلك (ولن يقتنعوا) ،وبين أن تقدم السلطات على حلّهم كرها ،بما يعني حرمان مواطنين من حقهم في التجمّع القانوني الطبيعي ،على مبادئ وأسس يختارونها .
على الجميع أن يقف موقف الحق، ويقول: لا !
من هؤلاء الذين يجب أن يقولوا لا بشكل مناسب، هم الإخوان أنفسهم ! …نعم يجب أن يقول الإخوان أنفسهم: لا لهذه الخطوات ، كما يجب أن تكون هذه ال (لا) كبيرة ،بحجم الجماعة وتاريخها ،وحجم مناصريها وأعضائها، وأن لا تستمر قيادة الجماعة في انتظار المصير، وكأنه قدر محتوم لا فرار منه لندخل في لطمية من بعد ذلك ،بلا أدوات وعمل جاد دؤوب ،يبدأ في الوقت المناسب ( وهو برأيي قد حان من قبل) ،وليس من المنطقي اليوم ،ولا غدا ،الاكتفاء بترديد مقولات مثل: “الجماعة أكبر من الحل ،، ،ولن يقدر أحد على حلّها،، وفلان حل الجماعة ومات، وبقيت الجماعة… ” إلى آخر هذه المقولات الجميلة، التي لن تغيّر من الواقع شيئا ،فيما لو حلّت الجماعة فعلا .
أقول هذا ،لأنني رأيت في الآونة الأخيرة من يريد أن يرفع صوته بقول لا من غير الإخوان، ولكنه تردّد لمّا وجد أن الإخوان أنفسهم ،متأخّرون جدا في قول هذه الكلمة وإثارة الموضوع كما ينبغي ،بانتظار المجهول والاحتمالات ، على الرغم من أن الواقع المحسوم يقول، إن لجنة الحلّ ماضية في إجراءاتها ،كما يظهر من إعلانها على الصحيفة !

*كاتب أردني

(المقالة تعبّر عن الرأي الشخصي للكاتب، وليس بالضرورة أن تعبّر عن رأي الموقع)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق