مقالات

إلغاء الانتخابات…قرار انتهازي وأناني

د.سعيد وليد الحاج*
حتى بعد قرار محمود عباس إلغاء الانتخابات (نعم القرار إلغاء وإن سوِّق على أنه تأجيل)، ما زال هناك من يساوي بين طرفي المعادلة الفلسطينية.وهذا لعمري إما جهل بالواقع والتطوّرات، أو موقف مقولب مسبق ،أو فذلكة مقصودة للتظاهر بالموضوعية، أو تجنّب إغضاب طرف ما.
في المشهد ،هناك طرف قدّم كل التنازلات الممكنة، بما في ذلك التنازل عن اشتراطات بديهية، مثل: التوافق على البرنامج السياسي أولاً، والتزامن في المحطات الانتخابية، وإطلاق الحريات، وتكافؤ الفرص وغير ذلك، بل ذهب لقرار الانتخابات ،وهو يدرك أنها ليست الحلّ السحريّ للانقسام، وأن القوم لا يمكن الثقة المطلقة بهم، وأن النتيجة، ستكون بالنسبة له أسوأ من انتخابات ٢٠٠٦، وتراجعاً عنها، ورغم معارضة و/أو تخوّف شريحة لا بأس بها من كوادره وأنصاره ومحبّيه.
وهناك طرف آخر، تصلّب في موقفه بإجراء الانتخابات قبل كل ذلك بل بدونه، وبالتتالي الذي كان يوحي بنيّة مبيّتة لتقييم كل خطوة بخطوتها ،وإمكانية الانقلاب على المسار في أي منها، ثم حين تبيّن له ضعف موقفه ،وتشتّت جبهته الداخلية، ألغى المسار كله من الألف للياء، متذرّعا بعدم إمكانية إجراء الانتخابات في القدس.
بمعنى، هو ألغى الانتخابات، بمنتهى الانتهازية والأنانية ،لأسباب داخلية تتعلّق بفرص فوزه/خسارته، واستغل قضية مركزية “مقدّسة” كذريعة لهذا الإلغاء (ولعلّها خطيئة أكبر من الإلغاء نفسه)، وأهان ذكاء كوادره وانصاره قبل عموم الشعب الفلسطيني، حين قدم سرديّة القدس،وقبلها عدم مناسبة الانتخابات تحت الاحتلال.
وقد فعل ذلك كله بقرار فردي ،دون التشاور مع أحد، وإن ادّعى ذلك،أو حاول تصوير مشهد يوحي به، ودون نقاش البدائل الممكنة لإجرائها في القدس،باستسلام تام لإرادة الاحتلال وانتظار “سماحه” بإجرائها هناك، وإن حاول الإيهام بأن قراره تحدٍّ للاحتلال. كما أنه لم يدعُ مثلاً إلى خطوات بديلة تحقّق الهدف المفترض للانتخابات، وهو الوحدة الوطنية وتجاوز الانقسام، ولا حدّد أجندة وطنية لفرض الانتخابات في القدس على الاحتلال، ولا حدّد موعداً بديلاً، ولا قال شيئاً مفيداً.
المشهد الحالي يقول: إن قرار السلطة هو ما ألمح له عزام الأحمد بأن الانتخابات لن تنظّم إلى حين وفاة محمود عباس،وأقولُ :إنها حتى في ذلك الوقت لن تجرى وإنما سيرتّب المشهد ترتيباً. أما قبل ذلك ف”حركات التحرر” لا تجري انتخابات تحت الاحتلال (لكنها تتعاون معه أمنياً، وتحصل منه على امتيازات ومكاسب شخصية وبطاقات VIP، وتعزيّ بوفياته كما لا تعزي بشهداء شعبها).!!
بعد كل ذلك، يصرّ البعض على المساواة بين الجانبين، وهجاء المشهد ككل بدون أي تفاصيل أو نقاط على الحروف. وهذا – كما بدأت كلامي – جهل أو استهبال أو خوف من ردّة فعل. وهو إلى ذلك كله مما لا يليق بإنسان صاحب عقل أو ضمير أو همٍّ يحمله لشعبه وقضيته.

*كاتب فلسطيني

(المقالة تعبّر عن الرأي الشخصي للكاتب، وليس بالضرورة أن تعبّر عن رأي الموقع)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق