تقارير و تحليلاتعام

تحليل سياسي: ماذا يعني تصويت مؤتمر حزب العمال بالأغلبية على أن إسرائيل دولة عنصرية؟

بقلم: د. عزّام سلطان التميمي *
يعبّر تصويت الجمعية العمومية، لحزب العمال البريطاني ،بأغلبية كبيرة ،على أن “إسرائيل ” دولة عنصرية ، عن مدى ما طرأ من تغيّر على قناعات قواعد هذا الحزب، والذين يغلب عليهم أنهم من الجيل الجديد، بل وعلى الرأي العام البريطاني بالمجمل.ثمّة مؤشّرات كثيرة، على أن مواقف الجماهير البريطانية تتّجه منذ فترة وبشكل متزايد، نحو التعاطف مع القضية الفلسطينية، مخالفة في ذلك، مواقف النخب الحاكمة في البلد، ومن كل الأحزاب السياسية تقريباً، والتي ظلّت محافظة على الموقف التقليدي البريطاني المؤيّد ل” إسرائيل”،بدون قيد أو شرط تقريباً،خدمة لمصالح فئوية، أو انجراراً مع السياسة الخارجية للولايات المتحدة. يعود الفضل في هذا التغيّر بالدرجة الأولى ،إلى صمود الشعب الفلسطيني ونضاله داخل فلسطين،ومن ثم إلى النشطاء الفلسطينيين في الشتات ،وأنصار القضية من المواطنين البريطانيين،الذين لم يكّلوا ولم يمّلوا، من تنظيم النشاطات والمناسبات، بما في ذلك الندوات والمؤتمرات والاعتصامات والمسيرات، لتوعيّة الرأي العام ،مستفيدين من تطوّر وسائل التواصل الحديثة، التي مكّنتهم من اختراق احتكار وسائل الإعلام التقليدية للمعلومة، ولمنصّات التعبير عن الرأي.
إن ما شهدناه من تصويت في حزب العمال، تطوّر مهم، يبعث على التفاؤل بأن قطاعاً أوسع من الرأي العام العالمي،بدأ يعرف حقيقة الكيان الصهيوني،ويخلص إلى أنه نسخة قبيحة أخرى من نظام الفصل العنصري (الأبارتيد)،الذي كان مهيمناً في جنوب أفريقيا،حتى مطلع تسعينيات القرن الماضي، ثم انهار بفعل مقاومة وصمود أهل جنوب أفريقيا ،وتضامن المزيد من البشر حول العالم مع نضالهم.من المأمول،أن يشكّل هذا التصويت، حافزاً قويّا لأنصار فلسطين في بريطانيا، وفي أوروبا،بل وفي الغرب عموماً،على شحذ الهمم ، والمضي قدماً في الجهود التي ترمي إلى تشكيل حركة عالمية مناهضة للصهيونية ، على نسق الحركة العالمية التي تشكّلت من قبل لمناهضة الأبارتيد، وصولاً إلى نزع الشرعية عن الكيان الصهيوني،وإجبار الحكومات على الانتقال، من خندق الباطل ،حيث تدعم الاحتلال والعنصرية، إلى خندق الحق، دعماً للقيم النبيلة ،التي طالما تغنّى بها المجتمع الدولي لفظاً ،ولكن ظل يناقضها سلوكاً.
على الرغم من كل ذلك، لا نتفاءل خيراً بحزب العمال، بزعامة شخص مثل Keir Starmer ، الذي يرى إرضاء أنصار “إسرائيل” أهم أهدافه وأهم إنجازاته.

 * كاتب وباحث فلسطيني

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق