مقالات

الجدل المُثار حول تفسير أبوجرّة سلطاني للقرآن

بقلم: صهيب بوزيدي

وقع جدلٌ كبير، بسبب إعلان أبوجرة سلطاني، عن انتهائه من تأليف كتابٍ في تفسير القرآن.
المعترضون عليه قالوا: كيف يسمح لنفسه أن يفسّر القرآن،وهو رجل سياسي،ليس له علم بالشريعة ؟ وقال آخرون: كيف يؤلّف تفسيرا في القرآن،وقد كان مع النظام ؟ وبعضهم قالوا: أنترك تفسير الطبري ونأخذ بتفسيره ؟.
وللإجابة على هذه الأسئلة،وجب التنبيه على أن المقال،هدفه التعليق على موقف بعض الناس من كتاب التفسير لأبوجرة سلطاني، لا موقفهم من أبوجرة سلطاني نفسه، فوجب التفريق بين الشخص وكتابه، والاعتراضات التي وردت عليه منهم، إن لم تُصحّح المغالطات الموجودة فيها، فإنها تقتضي الطعن في كتب غيره أيضا، وليست مشكلتي في مواقفهم من الإنسان نفسه ،وإنما في الحكم على الكتاب من غير محاولة قراءته أصلا، والحكم على الشيء فرع عن تصوّره، كما أنبّه إلى نقطة مهمة، وهي عدم إبدائي أي رأي في الكتاب ،إذ لم أقرأه بعد، ولكني أتكلّم عن نقطة محدّدة، وهي (الرد على طريقة الاعتراض التي بُنيت على مهاجمة الكتاب ،لمجرد كره الكاتب أو مخالفته ،أو معاداته، ومعلوم أن الاعتراض العلمي لا يكون مبنيا على الموقف المسبق من المعترض عليه،خاصة إن كانت المشكلة معه سياسية ،وليست متعلّقة بتفسير القرآن).
• 1 – لا يمكن الحكم على الكتاب،إلا بعد قراءته ،ولا يحكم عليه إلا من كان متخصّصا في هذا المجال،وأنا بدوري لا أعطي أي حكم على الكتاب، لأني لم أجده بعد، مما يعني أني لم أقرأه، وربّما لما يتم إصداره حتى الآن.
• 2 – لا يمكن الحكم على مستوى المؤلف العلمي، إلاّ بعد النظر في كلامه، والقدرة على بيان المطلوب علميا، لا بمجرد إطلاق الكلام المجمل، سواء كان مدحا أم ذمّا، وبدوري لم أطلع يوما على المادة العلمية الخاصة بأبوجرة سلطاني،مما يعني عدم قدرتي على إصدار حكم بخصوص ما يظهر لي من مستواه العلمي، لا إيجابا ولا سلبا، وقد سمعتُ أنه كان خطيبا ،يلقي الدروس الدينية ،قبل دخوله المجال السياسي ،ولكني لا أعرف مستواه الذي كان عليه يوم كان كذلك، وكونه رجلا سياسيا ،لا يعني بالضرورة أنه جاهل في الشريعة ،فقد يجمع الرجل الواحد بين مجالات مختلفة ،ويكون ذلك من مميّزاته.
• 3 – كونه مواليا للنظام السابق،لا علاقة له بمحتوى التفسير، إلاّ إن اتضح ذلك في إحدى تفسيراته،فلا يمكننا إصدار أحكام مسبقة، ونحن لم نطّلع على الكتاب،وحتى ولو كان المعترض ينوي انتقاد الكتاب بكل حال،فعليه أن يقرأه أولا ،حتى يذكر المواضع التي يريد نقدها، ثم يرد عليها بالأدلّة.
• 4 – الذين قالوا “وهل نترك تفسير الطبري،ونقرأ تفسيره” أقول لهم، وهل تفاسير القرآن اقتصرت على الطبري دون غيره ؟وهل الذين ألّفوا في التفاسير من بعد الطبري، يُطرح في حقهم نفس السؤال ؟ وهل معنى وجود كتاب آخر للتفسير، هو إلغاء الكتب التي سبقته وتركها ؟ بل،وهل يُقال نفس هذا الكلام في الطبري نفسه ،إذ سبقه إلى كتابة تفسير القرآن: مجاهد ومقاتل وسفيان الثوري ويحيى بن سلام وابن وهب والشافعي والصنعاني والتستري والأخفش، ومعلوم أنه قد ألّف من بعد الطبري ،علماء كثيرون ،لا تكاد تفاسيرهم تحصى، مثل :تفسير ابن أبي حاتم الرازي وابن المنذر وأبو منصور الماتريدي والسمرقندي وابن فورك والماوردي والثعلبي والسمعاني والأصفهاني والواحدي والبغوي والكرماني والزمخشري وابن الجوزي والفخر الرازي والقرطبي والغرناطي وأبو حيان الأندلسي وابن كثير وجلال الدين السيوطي والفيروز آبادي والبسيلي وغيرهم، ومن المعاصرين أُلّفت كتب كثيرة جدا في التفسير، منها: تفسير الشعراوي والطاهر بن عاشور والطنطاوي والصابوني والسعدي والشنقيطي وابن عثيمين وأبو بكر الجزائري وأحمد شاكر وحكمت بشير والأشقر وغيرهم ،وهم كثيرٌ جدا.

*كاتب وباحث جزائري

(المقالة تعبّر عن الرأي الشخصي للكاتب، وليس بالضرورة أن تعبّر عن رأي الموقع)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق