مقالات

جريمة حسين عطوي أنه ليس في حزب الله

أوّاب إبراهيم المصري*
تلفّت حسين عطوي حواليه مذهولاً، نظر بعين واحدة (بعدما أصيبت عينه الأخرى) إلى العناصر الأمنية التي اقتحمت مستشفى المنارة في البقاع حيث كان يُعالج، واعتقلته بعدما نفّذ عملية إطلاق صواريخ من بلدة الماري في حاصبيا باتجاه الأراضي الفلسطينية.لم يصدّق ما يجري، فرغم حروقه البليغة في جميع أنحاء جسمه تمّ توقيفه.الذهول الذي شعر به حسين عطوي شبيه إلى حد كبير بالذهول ،الذي أصاب عنصر حزب الله الذي أمسك به أبناء قرية (شويا)قبل أيام،وهو يقود راجمة للصواريخ.الفارق، هو أن العنصر الذي استلمته الأجهزة الأمنية من الأهالي ومعه شاحنة الصواريخ، خرج حراً طليقاً بعد ساعات ومعه شاحنة الصواريخ، ونُظّمت لاستقباله الاحتفالات، ونُثر عليه الأرز والورود،في حين قضى حسين عطوي أيّامه مصاباً قيد التوقيف في المستشفى العسكري.
ما يعرفه الأستاذ الجامعي حسين عطوي، أن المقاومة حق مشروع لكل مواطن لبناني، هذا الحق كفلته البيانات الوزارية للحكومات المتعاقبة.هذه البيانات ،لم تتطرّق لطائفة المواطن، أو للحزب الذي ينتمي إليه.وبناء على هذا الأساس، جهّز الدكتور حسين أربعة صواريخ وأعدّها للإطلاق فجر أحد أيام شهر تموز عام 2014 ،باتجاه الأراضي الفلسطينية المحتلة، لكن خطأ في التوصيلات، أدّى لانفجار أحد الصواريخ بالقرب منه، فأصيب بجروح وحروق، نُقل إثرها للمستشفى حيث تمّ اعتقاله. لم يكن يدري أن الوارد في البيان الوزاري،ليس متاحاً لجميع اللبنانيين، بل حق محصور بفئة بعينها لها وحدها الحق بإطلاق الصواريخ كما تشاء، ولها وحدها الاحتفاظ بسلاحها،ولها وحدها رفع اسم “المقاومة”، أما بقية اللبنانيين، فهم مخالفون للقانون،يجب سجنهم ومحاكمتهم وإنزال العقوبات بهم.
لم تكن الأجهزة الأمنية اللبنانية مضطرّة للوقوع بالحرج في حالة حسين عطوي. فلم يعترض طريقه أحد من الأهالي، كما لم يتم ضبط الصواريخ التي كان يعتزم إطلاقها،بعدما نجح من مغادرة المكان دون ملاحظة أحد،لكن بسبب حروقه البليغة اضطرّ للتوجّه إلى المستشفى للعلاج.كان بإمكان الأجهزة الأمنية تجاهل الأمر وغضّ الطرف عنه ،طالما أن ما قام به يندرج في إطار حق المقاومة المشروع. لكنّ الأجهزة الأمنية دبّ فيها النشاط، ولاحقت عطوي إلى المستشفى وقامت باعتقاله. في حين إن شاحنة حزب الله المحمّلة بالصواريخ التي تمّ ضبطها من الأهالي في (شويا )،لم تلفت نظر الأجهزة الأمنية، ولولا حرص هذه الأجهزة على حماية الشاحنة ومن يقودها من غضب الأهالي لما تدخّلت، ولما استلمتهما لتطلق سراحهما لاحقاً.
حسين عطوي خلال جلسات محاكمته، التي استمرت عاماً كاملاً، اضطرّ أمام المحكمة العسكرية أن يطلب لنفسه البراءة من التهمة الموجّهة إليه، رغم أنه لم يخالف القانون، الأمر الذي رفضته المحكمة وقضت بسجنه مدة شهر. في حين إن عنصر حزب الله الذي ضبطه الأهالي في (شويا )بعدما أطلق 20 صاروخاً، لم تتحرّك الضابطة العدلية لتوقيفه، ولا ندري ربما تتمّ ملاحقة أو مضايقة الأهالي الذين اعترضوا طريقه.
رغم بساطة ما قام حسين عطوي ومشروعيته ،لكنّ طالما أن فعله لم يكن من خلال الجهة المخوّلة إطلاق الصواريخ، فإنّ ما قام به “يهدف إلى زعزعة الاستقرار في الجنوب وبعيد عن الانتماء الوطني” ،حسب تصريح صدر عن أحد نواب منطقة الجنوب الذي ينتمي لكتلة التنمية والتحرير.. نعم التحرير. أما عنصر حزب الله الذي ضبطه الأهالي في (شويا)، فنُظمت لبطولته الأشعار والقصائد، واشتعلت وسائل التواصل الاجتماعي للدفاع عنه والإشادة بشجاعته.
جريمة الشيخ حسين عطوي، أنه كان يعتقد أن من حقه -ككل اللبنانيين- الرد على الاعتداءات الإسرائيلية اليومية على أرض لبنان وسمائه وبحره. لم يخطر بباله أن هذا الردّ حقّ لطرف بعينه، بينما بقية اللبنانيين ،ليس لهم إلاّ المشاهدة والتصفيق من بعيد .

* كاتب لبناني

 (المقالة تعبّر عن الرأي الشخصي للكاتب، وليس بالضرورة أن تعبّر عن رأي الموقع)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق