ماجد حسن*
“محمد دحلان” يستميت في سبيل أن يضمن له موطئ قدم في المشهد السياسي الفلسطيني القادم، بعد أن فشل في ذلك طيلة الاعوام السابقة بعد فصله من حركة فتح، تمهيدا للسيطرة على هذا المشهد في قادم الايام،و”الرز” الامارتي السخيّ هو المدخل،والتسهيلات “السيسية” حاضرة في كل الاتجاهات،والدعم المخابراتي المصري والأردني، خرج من السر إلى العلن لتحقيق هذا الهدف…ينبغي أن لا نغفل عن حقيقة أن دحلان، هو من أخطر الشخصيات التي مرّت على القضية الفلسطينية ماضيا ومستقبلا، وأنه لا يؤمن إلاّ بالخيار الاستئصالي في تعامله مع الإسلاميين، لأن عداءه للحركة الاسلامية عداء ايدلوجي، وليس عداء سياسيا مجرّدا، فقد جعل من نفسه اداة بيد “محمد بن زايد”لملاحقة كل الحركات الاسلامية الوسطية في العالم،ومن باب التذكير، مثالا لا حصرا، هذا الشخص هو من قاد الانقلاب على انتخابات عام 2006،وشكّل فرق الموت التي اغتالت العشرات من خيرة أبناء القطاع مجاهدين وعلماء،وهو من تواطء على اغتيال الشهيد “صلاح شحادة”،باعتراف الرئيس محمود عباس في خطابه الشهير أمام المجلس الثوري عام “2012”،والذي كشف فيه المستور عن تاريخه،ولولا الخلاف بين الخصمين اللدودين، ما كان لهذا المستور ان يُكشف.. وهو الذي تآمر مع الصهاينة ونظام “حسني مبارك”،والمجرم “محمد بن زايد” في حرب عام 2008 ،وكان رجاله ينتظرون في العريش ليدخلوا غزة بعد سقوطها على ظهر الدبابة الصهيونية..وقد كان في الحلقة الضيّقة المخطّطة والمنفّذة للانقلاب على “اردوغان”،وإنهاء الديمقراطية التركية،وجعل تركيا كما كانت سابقا موئلا ل”للموساد” وال “سي.اي.ايه” يلعبون بها كيفما شاؤوا…وكان كذلك في الحلقة الضيّقة تخطيطا وتنفيذا للانقلاب على الرئيس الشهيد “محمد مرسي”، وكان في الحلقة الضيّقة تخطيطا وتنفيذا لإجهاض الثورة الليبيبة من خلال المجرم “حفتر”.. وقاد الحملة الاعلامية المنظّمة ضد المراكز والمؤسسات الاسلامية في كل من أوروبا وامريكا،ووصل به الأمر إلى التحريض على المسلمين الفرنسيين،واعتبرهم خطرا على الدولة الفرنسية،مطالبا الدولة الفرنسية بإغلاق المؤسسات والمراكز التي تمثّلهم وينشطون من خلالها،وإلى مراقبة الأنشطة والفعّاليات في المساجد،بحجة أنها موئل لتفريخ الارهابيين،وقد لاقى هذا التحريض صداه في إجراءات رئيس فرنسا ضد المسلمين في بلده.وكان حلقة الوصل بين الإمارات وحزب العمال الكردستاني،لإمداد هذ الحزب بالسلاح والتخطيط للعمليات الإرهابية داخل تركيا..وله علاقات مشبوهة مع رئيس وزراء كل من :أثيوبيا،وصربيا ،والجبل الاسود،تصبّ في مصلحة الصهاينة،وهو ما خرج للعلن واستطاعت أجهزة المخابرات التركية،وبعض أجهزة الاستخبارات العالمية رصده و كشفه.وما خفي أعظم!
دور دحلان لم ينته بعد، فما يزال ينتظره الكثير الكثير للقيام به، تلبية لما يخطط به سيّده المجرم “محمد بن زايد”، وأهم ما في الأمر، ما له علاقة بالقضية الفلسطينية،فالمخابرات المصرية والأردنية والإماراتية والسعودية،وبموافقة دولة الكيان، تعمل بكل ما أوتيت من قوة ونفوذ وامكانيات من أجل أن يتسوّد هذا الرجل المشهد الفلسطيني،والعقبة الكأداء لتحقيق هذا الأمر حاليا، يكمن في حالة الخلاف الشديد بين دحلان ومحمود عباس،فإذا ما انتهى هذا الخلاف،سواء كان ذلك بموافقة”عباس” وهو ما يزال في قيادةالمشهد السياسي الفلسطيني، أو بعد مغادرة “عباس”هذا المشهد،وعاد دحلان إلى أحضان حركة فتح،فإنه وفي وقت قياسي سيقفز الى سدة المشهد السياسي الفلسطينية،وعندئذ لن يعد هذا الشخص محتاجا لأي تفاهمات مع “حماس” ،وسيعود إلى ممارسة نهجه الاستئصالي معها ،وسيحاول استدعاء الماضي بكل تفاصيله المؤلمة،وسيطرح نفسه بأنه الحريص على حقوق أبناء “فتح” في القطاع التي ضيّعها “محمود عباس”،كما في شعاراته التي يرفعها،وبأنه سيعيد “فتح” إلى مجدها في غزة، وغيرها من الشعارات التي ستؤجّج الصراع من جديد في القطاع،ولتكون مدخلا من أجل أن يتدخّل الحكام الطواغيت في القطاع ،وعندئذ سيكون هذا الشخص رأس الحربة في شنّ حرب على القطاع، لتجريده من سلاحه،وسيكون الحصار على غزة أشد وأنكى مما كان عليه في الماضي،وفي هذه المرّة سيكون مدعوما من قبل طواغيت العرب بكل ما أوتوا من امكانيات،ومن دولة الكيان،ومن الأمريكان أيضا،وسيعمل على الثأر لنفسه مما حصل عام 2007 ابتداء،وعلى تحقيق هدف الصهاينة بنزع سلاح المقاومة انتهاءً،ولن يهدأ له بال حتى يستأصل “حماس” من فلسطين،كما فعل أسياده في مصر والإمارات مع “الإخوان” في كل من مصر والإمارات واليمن،وكما حاولو في ليبيا وتونس ولا زالت مؤامرتهم مستمرة…إن ما يطرحه دحلان الآن من شعارات ،ما هو إلا ذرا للرماد في العيون،وما هو إلاّ أُطروحات تكتيكية ،حتى يتمكّن من المشهد الفلسطيني، وبعد ذلك يبدأ في تنفيذ خططه الاستئصالية.. إنه لا يمكن الوثوق في أي كلمة يتكلّمها هذا المجرم،فهو كذّاب أشر، وهو يمارس سياسة الخداع بكل احترافية!
إنني أعلم واقع القطاع الصعب،والمعقّد،والمحاصر. وأعلم حاجة غزّة إلى أي مساعدة ،فهي تخفّف من أعباء الحصار الظالمة عليهم وأعي تماما أن الإخوة هناك يملكون من المعطيات مالا نملكه،وعندهم من المقاربات ما لايستطيعون البوح به، أو الكشف عنه،وعليكم من الضغوط مالا نعرفه، لكن لا نريد -لا سمح الله- لكم -وبدون قصد منكم-،أن تكونوا سببا لتحقيق هذا الرجل أهدافه ومخططاته الإجرامية ،نتيجة لعدم دقة في المقاربات التي تتبنوننها في التعامل معه ومع تياره ..ينبغي للمقاربات في التعامل مع هذا الشخص أن تكون بالغة الدقة،وأن تاخذ بالحسبان تاريخ هذا الشخص، والدوائر التي يشتغل من خلالها،والمنظومة الاستخبارية العربية والعالمية التي تقف وراءه،والأنظمة الطاغوتية التي تدعمه،والأهداف التي يسعى لتحقيقها،وان تتسلّحوا بالشعر الذي رفعه أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه”لستُ بالخبّ،ولا الخبّ يخدعني”.
*كاتب فلسطيني
(المقالة تعبّر عن الرأي الشخصي للكاتب، وليس بالضرورة أن تعبّر عن رأي الموقع)
زر الذهاب إلى الأعلى