مقالات

كذّاب”الزفّة” وأراجوز ” المولد” إبراهيم عيسى

هاني سليمان*
الصحفي والكاتب والمؤلّف والمثقّف والمتنوّر والمؤرّخ والمفكر والمجدّد والمتحدّث والإعلامي والمؤيّد والمبرّر الكبير إبراهيم عيسى، يستنكر أن طلبة المدارس في مصر،يدرسون آيات من القرآن الكريم في مادة النصوص واللغة العربية،ويطالب بتدريس نصوصا من الإنجيل والتوراة أيضا ،كنوع من المعاملة بالمثل ومساواةً بين الأديان.
إبراهيم عيسى لا يعرف، أو هو في الحقيقة يعرف تماما ،ولكنه “يستعبط”، أن دراسة الآيات القرآنية الكريمة في مادة النصوص تدرس كمثال على بلاغة اللغة العربية، وعلى إبداعها وجمالها وفنونها وقواعدها ونحوها وصرفها، لأن القرآن الكريم في حد ذاته معجزة لغوية، وهو أكبر مثال على جمال وإبداع اللغة العربية الأصيلة، وإعجاز لغته العربية كان ومازال من أكبر الأدلة على أنه لم يأتِ به بشر، ولكنه جاء من عند الله العلي القدير.
أما نصوص الإنجيل والتوراة،فهي نصوص ليست أصيلة، بل هي مترجمة عن عدة لغات،وليس حتى عن لغة واحدة، وهي وإن كانت تحتوي على الكثير من الحكم والقصص، إلا انها تفتقر بحكم كونها مترجمة إلى البلاغة والجمال والإبداع.
إبراهيم عيسى، هو واحد من “كذابي الزفة” ،أو “أراجوزات المولد” ،أو”حواة السيرك” ،الذين ابتلينا بهم، والذين يحاولون الظهور في أي مناسبة ،ولو كان عن طريق الهتاف أو الطبل أو الزمر أو الغناء أو الرقص، أو حتى عن طريق النط والقفز والدحرجة والشقلبة، وذلك لإرضاء صاحب الزفّة، أو كبير المولد ،أو مالك السيرك، طمعا في الحصول على الرضى العالي، و”لم النقطة” ،و”جمع الغلة”،والعودة بما يملأ الجيب، ويدفّئ القلب.
هذا النوع من كذّاب الزفّة،وأراجوزات المولد، وحواة السيرك، يظهر عندما يسود الجهل والتخلّف والتأخّر، وينتشر نتيجة للحكم الفاسد الفاشي ،الذي يبعد المثقفين والعلماء والمفكرين الحقيقين المخلصين لأوطانهم ولشعوبهم،ويحيط نفسه بأراجوزات ملوّنة، متقنة الصنع، تردّد كالببغاء الذي لا عقل له، كلمات الحاكم الديكتاتور، في محاولة منه لتغييب وعي الشعب ،وإقناعه بما يريده الحاكم الفاسد الفاشي.
وهؤلاء أنواع،فمنهم رجال دين من شيوخ السلطان،ومنهم مثقّفون، دجّالون، ومفكّرون مزيّفون، ومنهم سياسيون من كل لون من المنتفعين بالحكم الديكتاتوري،ومنهم إعلاميون مأجورون، يعملون لمن يدفع أكثر، ومنهم فنّانون مدّعون ،يقدّمون فنا قبيحا إباحيا لإفساد الشعب، ومنهم قادة رأي في مختلف المهن والحرف والمجالات، يستفيدون من الوضع القميئ السائد، ويحاولون قدر الإمكان إبقاءه أطول فترة ممكنة ،لكي يستفيدوا منه أكبر استفادة.
لكن لنعلم أنه كلّما ازداد عدد هؤلاء الكذّابين والأراجوزات والحواة، كلّما قصر عمر النظام، الذي سمح بظهورهم وتكاثرهم وانتشارهم،لأنهم عندما يكثرون، تزداد المنافسة فيما بينهم على كسب رضى الحاكم ،وعلى اقتناص المناصب ،واكتناز الثروات، فيقف كل منهم للآخر بالمرصاد، ليظهر جهله ونفاقه وتدليسه، فيظهرون كلهم على حقيقتهم القبيحة أمام الشعب، ويسقط قناع التجميل من على وجه النظام الفاسد نفسه، فيحين وقت سقوطه.
متى يحدث هذا؟!
لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا (الطلاق – 1).
وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ (إبراهيم – 42).
فَهَلْ يَنتَظِرُونَ إِلَّا مِثْلَ أَيَّامِ الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلِهِمْ ۚ قُلْ فَانتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُم مِّنَ الْمُنتَظِرِينَ (يونس- 102).

*كاتب مصري

(المقالة تعبّر عن الرأي الشخصي للكاتب، وليس بالضرورة أن تعبّر عن رأي الموقع)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق