مقالات

الانتخابات الأردنية في حضرة الوطن

بقلم: زكي سعد بني إرشيد*

لا ينبغي لمن كانت لديه سلطة ونفوذ، أن يقصي خصمه أو يقهر منافسه،ومن المعيب ان تتعامل السلطة المنفلتة، بمنطق الاستفراد والإقصاء لمكوّنات المجتمع ،أو الاستقواء على بعضها.
فالمتغيّرات الكونية، تفرض ايقاعاً مختلفاً عن واقع النظام العالمي، الذي لم يعد صالحاً للبقاء أو الاستمرار، والواقع المتردّي لا يغري بالمزيد من الاستهتار ،أو الاستمرار بالضغط والإكراه، ضد أي مكوّن سياسي أو اجتماعي.
فالجائحة الكورونية الكوفيدية المكتسحة، والأزمة الاقتصادية الخانقة، والانسداد السياسي ، والتوتّر الإجتماعي، لا يحتمل تلاعباً بإرادة الناخبين ،أو تزويرا في نتائج الانتخابات.
كيف يمكن لدولة، أن تواجه هذه التحديات الداخلية ؟ والتهديدات الخارجية؟ ومخاطر الغلو والتطرّف والإرهاب؟، وهي – اي الدولة – تنشغل في معارك هوائية استعراضية، تستهدف مواطنيها، وتستنزف إمكاناتها لأجل حسابات صغيرة، يتقدّم الخاص فيها على العام، وتعلو المصالح الشخصية على المصالح الوطنية!!.
لمصلحة من بثّ خطاب الكراهية والعزف على وتر التحريض والتقسيم، والتمييز ضد بعض المكوّنات والقوى الوطنية ؟
قلتم ان الانتخابات عرس وطني، فلماذا اذا سُمح لبعض المتنفّذين أن يحوّله إلى مأتم ؟.
قلتم إن الانتخابات،ستكون شفّافة ونزيهة،وأن الدولة لجميع أبنائها لا تنحاز ضد أو لصالح أي من مكوّناتها،وأن السلطة معنيةٌ باستعادة ثقة المواطنين بمؤسّسات الدولة..!
فماذا كانت النتيجة؟
ومن سيصدّق الخطاب الرسمي ،أو يثق بمصداقيته ؟
من الواضح والمؤسف أن السلطة، فشلت في تعزيز المشاركة الشعبية، عندما صنعتم بعقلية ثأرية وإنتقامية بين يدي الانتخابات الأزمة مع نقابة المعلمين، التي ساهمت بإزاحة المزاج نحو مقاطعة الانتخابات،وكان إصرار السلطة على إجراء الانتخابات مع اجتياح الموجة الثانية من فيروس كورونا عنادا ومكابرة، ولم يكن القرار مقنعا، وكان خطابكم استفزازياً ،عندما قلتم إن الانتخابات ستجري بمن حضر !!! ورضيتم أن يكون الإقلاع بحضور(2 ٪) !!
الأردن اليوم، بحاجة إلى معادلة لا غالب ولا مغلوب،وحضور المعارضة – لا أقول فوزها – في التمثيل السياسي، والنصاب الوطني، لا يعني هزيمة السلطة، والوطن ليس حلبة مصارعة لسحق الخصم أو إخضاعه،
لكن الأخطر من كل ذلك ،إن كانت بعض الجهات المتنفّذة، تسعى لإبقاء المعادلة السياسية المنتجة للاحباط وخيبات الأمل، هي السائدة والحاكمة، وتخطّط لإفشال المسار الإصلاحي، وتغييب أي بارقة امل.
إن صحّ ذلك،فإنها المؤامرة ليس ضد الحركات الإصلاحية، وإنّما ضد الوطن والدولة !
لقد آن الاوآن أن ندرك فقه التداول،الذي يجعل من التباين تكاملا ضرورياً، مُثريا، ومقوّيا، ودافعاً اساسيا للتنافس والإبداع، لأن قطار الحضارة،لا ينتظر المتخاصمين، حتى يصطلحوا، والأجدر بهم،ان يتّفقوا داخل الإطار، وقبل أن يفوتهم القطار .
الزمن لن يتوقف ،لأنّه ببساطة لن يعترض طريقه اشارة حمراء.
ننتظر من أصحاب القرار رأيهم ومواقفهم،وأن يقولوا للعابثين :كفّوا أيديكم، وأقيموا الصفوف.

* سياسي أردني

(المقالة تعبّر عن الرأي الشخصي للكاتب، وليس بالضرورة أن تعبّر عن رأي الموقع)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق