أخبارتقاريرسياسةعام

غيبوبة صباح الأحمد تشعل “نار” خلافته داخل الأسرة الحاكمة

تعيش الكويت هذه الأيام على صفيح ساخن، لا يقل سخونة عن صيفها الحارق، الذي تصل فيه درجة الحرارة أحيانا، إلى ستين درجة مئوية تحت الشمس، خصوصا بعد دخول أميرها الشيخ صباح الأحمد الصباح {91 عاما}، في حالة غيبوبة تامة، وسط تأكيد مصدر خليجي مطّلع مواكب لتفاصيل حالته الصحية لـ “كواليس”، أن وضعه الصحي غير مستقر، وأن لا أمل يرجى من تعافيه، وأن كل الأخبار التي تشاع حول استقرار صحته ليست صحيحة، وهدفها تهدئة الشارع الكويتي المترقّب لتطوّرات الحالة الصحية المتسارعة لأميره.

وعلى التوازي من مواكبة الرأي العام الكويتي، للحالة الصحية للأمير، يحتدم الصراع بشكل جنوني داخل الأسرة الحاكمة على ولاية العهد، لدرجة أن صحيفة “القبس الكويتية”، التي تعبّر عن مجموعة من كبار التجّار، ورجال الأعمال الكويتيين، قد نشرت مقالة، أمس الأحد {2020/8/23}، على صفحتها الأولى تحت عنوان: “صراع الأسرة.. وساعة الصفر”، قالت فيه: “إن جميع ما سبق يسوقنا نحو تلك المعركة الطاحنة التي حذّر منها رجالات الكويت طوال السنوات الماضية، حيث إننا نشهد اليوم فصولها الأخيرة، وقد وصلت إلى مرحلة تكسير العظام، وتهشيمها.. نعم؛ إنها معركة «صراع أبناء الأسرة غير المحسوم على السلطة».. غير أنها أصبحت اليوم أخطر من أي وقت مضى؛ بعد أن دقّت ساعة الصفر، وأصبحت جميع الأوراق مباحة”.

وختمت المقالة بمطالبة من وصفتهم ب “حكماء” الأسرة الحاكمة بتدارك المشهد، قبل خروج الأمور عن نطاق السيطرة، حيث قالت: “وختاماً؛ فإننا نخاطب حكماء الأسرة التي نجلّها، ونطالبهم بالكفّ عن إقحام الشعب الكويتي في هذه الصراعات المقيتة، وحسم ملف «صراع الأسرة» بشكل نهائي وحازم؛ بعد أن بلغ السيل الزبى ممّا اقترفت أيدي البعض من عبث وفوضى وفساد.. وقتها فقط ستصفو سماء كويت المستقبل؛ بزوال صراعهم الخطر، وحرقهم المراحل الأشد خطراً”.

أطراف الصراع

إن الصراع اليوم يدور بين تحالفين أساسيين: تحالف {ناصر صباح الأحمد/ أحمد الفهد} من جهة، في مواجهة تحالف {ناصر المحمد الأحمد/ مرزوق الغانم} من جهة أخرى، إذ تميل الكفة لتحالف الصباح/ الفهد، لأن ولي العهد نواف الأحمد، الذي سيصبح أميرا حال وفاة الأمير صباح، يعّد أقرب للتحالف الأول، ومن المتوقع أن يرشّح أحد قطبيه لولاية العهد عند تولّيه العرش.

وبحسب مصدر مطلع، فإن فرص القطب الأول في التحالف الأقوى، ناصر الصباح، الابن الأكبر للأمير الحالي هي الأوفر لتولي ولاية العهد، حيث تصدّر المشهد السياسي في البلاد، خلال الأعوام القليلة الماضية، بتسلّمه وزارة الدفاع العام 2017، إلى جانب منصب نائب رئيس مجلس الوزراء.

وهو يقود مشروع “رؤية الكويت 2035″، الذي يستهدف بناء اقتصاد كويتي متعدّد الموارد ينهض بالبلاد خلال مرحلة ما بعد النفط.

وزادت أسهم الأمير “ناصر” في الشارع الكويتي، بعد تفجيره قضية فساد كبيرة بشأن الاستيلاء على نحو 800 مليون دولار من صندوق لمساعدة العسكريين، قبل تولّيه منصب وزير الدفاع؛ وهو ما عجّل باستقالة حكومة البلاد، نوفمبر/تشرين الثاني الماضي 2019م.

 لكن قيام الأمير، بإقالة نجله من منصبه، أثار الشكوك حول مستقبله السياسي، وبات لا يشغل حاليا سوى منصب نائب رئيس المجلس الأعلى للتخطيط، وسط ترجيحات بأن كلمة القضاء في قضية “صندوق الجيش”، ستعزّز صورته كمسؤول مناهض للفساد، وقد تدفع به مستقبلا لولاية العهد، ومنها إلى سُدّة الحكم.

أما القطب الثاني في التحالف القوي، والمرشح لولاية العهد، فهو الشيخ أحمد الفهد، الذي لا يخفي تطلّعه للحكم باعتباره وريثا لوالده “فهد الأحمد الجابر الصباح” الذي قتل في اليوم الأول الغزو العراقي للكويت عام 1990. 

و”الفهد” (56 عاما)، يتمتّع بنفوذ واسع في عالم الرياضة على المستويين الدولي والقاري، وهو رئيس المجلس الأوليمبي الآسيوي ورئيس الاتحاد الآسيوي لكرة اليد.

وقبل سنوات، واجه “الفهد” هو الآخر اتهامات فساد من قبل الادعاء السويسري، وكذلك اتهامات فساد من قبل البرلمان الكويتي.

وتولّى”الفهد” في السابق وزارات النفط والطاقة والإعلام والصحة، وكان رئيسا لجهاز الأمن الوطني، ونائبا لرئيس الوزراء، وأمينا عاما لمنظمة “أوبك”.

بينما لا يملك التحالف الآخر سوى مرشّح واحد لتولّي ولاية العهد، هو الشيخ” ناصر المحمد الأحمد الصباح” (79عاما)، رئيس مجلس الوزراء الكويتي الأسبق، والابن الثاني للشيخ “محمد الأحمد الجابر الصباح”، لكنه لا يتمتّع بثقل كبير داخل الأسرة الحاكمة أو الشارع الكويتي، وتلاحقه فضائح الفساد، ولكنه يلقى وافر الدعم من رئيس البرلمان مرزوق الغانم، الذي سيحاول تحشيد النواب لعدم إعطاء ثقة ولاية العهد لغير الشيخ ناصر الأحمد.

وينصّ الدستور الكويتي، في المادة (1) من قانون توارث الإمارة الصادر عام 1964، على أن “الكويت إمارة وراثية في ذرية المغفور له مبارك الصباح” الذي حكم الكويت من 1896 إلى 1915، لكن طريقة انتقال الحكم لم تحدد بشكل واضح؛ ما يجعل ترتيب بيت الحكم أحد التحديات الكبرى التي تواجه الأسرة الحاكمة في الكويت.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق