مقالات

عاصفة “تويترية” في تركيا

د. سعيّد وليد الحاج*
إثر خلاف بين المحكمة الدستورية العليا في تركيا، وبين إحدى المحاكم، حول إعادة محاكمة أحد نوّاب البرلمان،وضع أحد أعضاء المحكمة الدستورية صورة لمبنى المحكمة على حسابه على تويتر مع عبارة “الأضواء مُنارة”.الجملة شبيهة بجملة “أضواء رئاسة الأركان مُنارة”،التي كانت استخدمت في تسعينات القرن الماض، كتهديد بانقلاب عسكري.
ردّات الفعل على التغريدة والصورة،أتت من كل حدب وصوب،وكانت “التريند” الأول على تويتر، حيث ندّدت بـ”الحنين للوصاية عند البعض”، على حد تعبير الكثير من السياسيين،لا سيّما من حزب العدالة والتنمية.
أحد أجمل التعليقات، أتى من وزير العدل عبدالحميد غل،الذي كتب “الذين يحنّون للوصاية يفقدون صلاحية الحديث باسم القانون. الأنوار يضيئها الشعب ويطفئها الشعب”.
لكن الرد الأبرز، والأكثر حدّة،أتى من حساب وزارة الداخلية، الذي نشر صورة مبنى الوزارة قائلاً: “أضواؤنا لا تنطفئ أبداً”. بكل ما لذلك من دلالة.
بعد حدّة الردود وكثرتها،تراجع عضو المحكمة الدستورية، ومسح التغريدة ،وكتب أنه قصد “أنوار القانون، وليس أي أنوار أخرى”. وقال القاضي:إن العبارة التي استخدمها، فسّرت بطريقة تخطّت ما قصده منها، وأن هدفه،كان القول: إن المحكمة الدستورية هي منارة للقانون،وأكّد أنه لا يمكن له مجرد الإيحاء بأي تشكيل،أو أداة، أو محاولة غير ديمقراطية.
اليوم اجتمعت المحكمة الدستورية العليا، وأصدرت بياناً قالت فيه: إن تغريدات أعضائها على وسائل التواصل، لا تعكس رأي المحكمة المؤسّسي. وأن المحكمة – وكما أفادت ليلة الانقلاب في 2016 -، ترفض كل عمل لا ديمقراطي، يستهدف النظام الدستوري ،وتقف مع دولة القانون الديمقراطية.
أصل المشكلة،تعود لمحاكمة النائب السابق عن الشعب الجمهوري أنيس بربرأوغلو،الذي اتهم بأنه هو من سرّب صوراً لشاحنات، تتبع لجهاز الاستخبارات التركية، كانت أوقفت بادعاء أنها تنقل أسلحة لسوريا. خلال المحاكمة انتخب (بربر أوغلو)لعضوية البرلمان التركي، لكن المحاكمة استكملت،وصدر بحقه قرار عقوبة بالسجن لخمس سنوات و10 أشهر بتهمة “إفشاء معلومات سريّة”،ما تسبّب بإسقاط عضويته في البرلمان.تقدّم (بربر أوغلو )بطلب للمحكمة الدستورية، التي قرّرت أن انتخابه، يمنحه حصانة، وبالتالي فالمحكمة انتهكت حقوقه في الانتخاب والمشاركة السياسية، وكذلك حريّته، مقرّرة إعادة محاكمته. البارحة، ورداً على هذه القرار، قالت المحكمة المختصة: إنها لن تعيد محاكمته، باعتبار أنه ليس من حق المحكمة الدستورية – بعد الحكم بانتهاك حق/حقوق ما – أن تقرّر في المسار المستقبلي،وأن هذا يعدُّ تدخّلا في عمل المحكمة المختصة.وعلى إثر ذلك،كانت تغريدة عضو المحكمة الدستورية.

*كاتب فلسطيني

(المقالة تعبّر عن الرأي الشخصي للكاتب، وليس بالضرورة أن تعبّر عن رأي الموقع)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق