مقالات

عندما يضرب البعض مخالفيهم تحت الحزام !

د.أسامة أبوارشيد*

الاتفاق في الرأي دائماً من المستحيلات، حتى بين أبناء المدرسة الواحدة. والاختلاف في الرأي، حتى بين أقرب الأصدقاء، الأصل أنه لا يفسد للود قضية. وأحياناً يكون الاختلاف قاسياً وحاداً، على حسب حساسية القضية محلّ النقاش، وقد يترتّب عليه توتّر في العلاقات الشخصية، فبالمحصلة جميعنا بشر من دم ولحم ومشاعر. كل هذا مفهوم ومعقول وواقعي، ولا ينبغي أن نتحرّج في أن نُقِرَّ أننا لسنا ملائكة، فهذه هي الحقيقية.
ولكن، ثَمَّةَ واقعية في الاختلاف، وهناك فضاضة سوء الخُلُق، خصوصاً عندما يأتي ممن تتوسّم فيهم حُسْنَهُ، وترى عندهم مستوى متقدّم من الفهم والوعي. مفهوم أن ينتقد شخص فينا على صفحته الخاصة رأياً لشخص آخر، تلميحاً أو تصريحاً. كلنا يفعل ذلك. لكن، اللمز خلق ذميم، خصوصاً عندما يأتي بحق من تعرفه وتعرف من هو، وما يؤمن به وما يعمل من أجله. حينئذ، يصبح إطلاق الأحكام والأوصاف بحق المخالف، ضمناً وبضربات رخيصة تحت الحزام، وتسفيه منطقه ومساءلة دوافعه، بدلاً من مناقشة فكرته، من أعمال الصغار.
لا ينبغي لأحد فينا،أن ينصّب نفسه قَيِماً على تفكير غيره، وتحديداً عندما يكون خلاف الرأي ضمن إطار المشروع والمعقول وما يحتمل الخلاف. لست أنا مسطرة مستوية لتقويم كل رأي، تثبيتاً أو تفنيداً، ولن تكون أنت تلك المسطرة، ولن يكون فينا واحد تلك المسطرة. أما الأخلاق فهي مسطرة حاكمة على الجميع، ومن المؤلم أن تجد كثيراً ممن كنت تتوسّم فيهم خيراً يسقطون في هذا الامتحان مراراً وتكراراً، ويظنّون أنهم بتملّقهم ما يعدّونه “ثوابت” في تفكير العوام، فإنهم يحصلون على شرعية “الفهم” و”العلم”، والأهم من ذلك كله بالنسبة لهم حصد مزيد من علامات الإعجاب “اللايكات” !
تطوّر الأفكار رهين بحرية فضاء طرحها، وأحد أهم أسباب عقم التفكير في جوانب كثيرة في حياتنا، كان تاريخياً، ولا زال، الضرب بسوط الدهماء والغوغاء، وهو الأمر الذي كتبت فيه قبل أيام قليلة.
النتيجة… اللمز عندما يتكرّر من قبل أشخاص يظن فيهم خيراً، علماً وخلقاً، يكون نقيصة في حقهم، لا أمراً يفتخر به، حتى ولو كانت الحصيلة مئات علامات الإعجاب”اللايكات”من عوام الناس.

* كاتب فلسطيني

 (المقالة تعبّر عن الرأي الشخصي للكاتب، وليس بالضرورة أن تعبّر عن رأي الموقع)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق