بقلم: طلال سلمان
ما هكذا كان الأمل، يا شيخ زايد، في أبنائك وأحفادك حتى آخر الذرية..
لقد وقف العرب معك، عندما تولّيت الحكم، خلفاً لشقيقك الشيخ شخبوط، في الدولة التي استحدثتها مصالح الغير، مجمّعة بضعة مشايخ ،تحت قيادتك، وبطموح لأن تكون مشيخة دبي هونغ كونغ ثانية، في حين تكون “أبو ظبي” عاصمة “دولة الخير”،التي “تشتري” اعتراف أشقائها العرب ومعهم مختلف دول العالم.. بالثمن!
ولقد رحب العرب، المنكوبين في فلسطين، والمهزومين في الحرب من أجل تحريرها، بهذه الدولة الجديدة، وقد افترضوها توأماً للكويت في انفتاحها على أخوتها العرب، تعينهم في الشدائد، وتساندهم حيث “النفط أصدق إنباء من الكتب”، وتعزّز قدراتهم من أجل التحرّر ، وبناء الغد الأفضل، ومواجهة العدو الإسرائيلي بقدراتهم مجتمعة، وبجهدهم موحّدا.
مؤكّد أن شخصية الشيخ زايد، بحكمته وقدرته على استيعاب وضعه، في ظل الأحوال العربية السائدة، قد لعبت دوراً حاسماً في “تعظيم” دور الدولة الوليدة بشعبها، الذي أكثرية عدد سكّانه من الإيرانيين والعمال والمهندسين والأطباء العرب،الذين جاءوا إلى هذه الواحة الواسعة في مساحتها وامتدادها،ليبنوا “دولتها” بعرق الجباه والزنود.
ولقد كان الشيخ زايد طيْبا، ودوداً، يعرف أن الله قد أعطاه أكثر مما كان يتمنّى. أو يقدر، وأن “للرعية” حقوقها.. وأن “الدول” ذات مصالح،ولا بد من التعامل معها بحذر.
تحرّشت به إيران الشاه، ثم إيران الثورة الإسلامية، واستولت على ثلاث جزر مشاطئة للبلدين، فكتم غيظه، وسلّم بالأمر الواقع، لأن “لا قدرة لنا على مواجهة إيران”.
كان شريكه في الحكم شيخ دبي راشد ،الذي ورثه محمد بن راشد، ولقد تعامل معه كأخ، وتلقّى منه المعاملة ذاتها، خصوصاً وأنه ترك لدبي هامشاً عريضاً يمكّنها من أن تكون “شبيهة” هونغ كونغ..
صار هذا من الماضي.. أما في الحاضر فكل شيء، في السياسة والتعامل مع “المقيمين” والتصرف إزاء القضية الفلسطينية، وتجاه الجوار، قد اختلف.. جذرياً!
فلم يكن في التصوّر أن تقدم الإمارات على إرسال “جيش” معظمه من المرتزقة والمتطوعين بالأجر، من العرب الفقراء، لغزو اليمن ،التي كان الشيخ يعتز بأنه يتحدّر من أصول يمنية، كما كان اليمنيون يرون فيه “زايد الخير” ،ويعاملونه بمنتهى الإجلال والتقدير.
وإذا كان للسعودية علاقات متوتّرة دائماً مع اليمن، سواء أيام “الإمامة” أم في عصر “الجمهورية”، فإن الإمارات ،كانت بمنأى عن مثل هذا التصرّف الاستعماري.. لولا أن “النفس إمارة بالسوء”، وعلى هذا فقد ارتكب الشيخ محمد بن زايد الخطيئة المميتة، وأساء إلى ذكرى أبيه، الذي أسماه العرب “زايد الخير”، بقدر ما أساء إلى الأمة جميعاً، بعنوان فلسطين، القضية المقدسة، والذي اجتهد أبناؤها كما أخوتهم من سائر الأقطار العربية في بناء دولة زايد الخير.
إنه لأمر محزن،أن يتوالى اعتراف الدول العربية بدولة العدو، إسرائيل، التي أقيمت بالقوة على أرض فلسطين، والتي تقتل كل يوم المزيد من أبناء الأرض المقدسة.. وبرغم ذلك ،فإن شعبها يخرج، رجالاً ونساء، شيباً وشباناً، في تظاهرة غضب عارم ضد هذا الاحتلال العنصري الذي تسانده معظم دول الأرض، من دون أن يهتز إيمان الفلسطينيين بحقهم بأرضهم..
يا أمة ضحكت من جهلها الأمم..
ومبروك على الشيخ محمد استبدال المستعمر البريطاني القديم بالمستعمر الإسرائيلي الجديد.. ودائماً تحت الرعاية الأميركيةّ
رحم الله الشيخ زايد بن سلطان!