تقارير و تحليلاتسياسة

بعد الإطاحة بـ “الفخفاخ” بتهمة “تضارب المصالح”…من هو رئيس الوزراء القادم؟

وجَهت حركة النهضة، بوصفها اللاعب الأول في الساحة السياسية التونسية، ضربة موجعة إلى رئيس الوزراء إلياس الفخفاخ، أفضت إلى إجبار الرئيس التونسي قيس سعيَد على إقالته، بعد أن حاول بمساندة الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل نور الدين الطبوبي، إقناع الغنوشي بالتراجع عن مشروع “سحب الثقة”، الذي أعدَته النهضة، وتحَصلت فيه على العدد القانوني اللازم لنجاحه. وجاء تقرير اللجنة البرلمانية المشكَلة، للتحقيق في تهمة “تضارب المصالح”، الذي أثبت التهمة بحق الفخفاخ، لتكون ضربة “قاضية” مكتملة الأركان والأبعاد. هذا التحليل، يتناول العوامل التي أدَت إلى الإطاحة بـ “الفخفاخ” والمألآت والتوقعات بعد الإطاحة به. 1- عوامل الإطاحة بـ “الفخفاخ” : – حكومة الفخفاخ جاءت، في أعقاب سقوط حكومة الحبيب الجملي، الذي رشَحته حركة النهضة، باعتبارها المتصَدر في الانتخابات التشريعية، و هو ما جعلها تأتي في سياق أزمة سياسية، خاصة أن الفخفاخ كان مرفوضا من طرف النهضة أساساً، و هو ما جعل مشاركة النهضة اضطرارية. – علاقة الفخفاخ مع الغنوشي، كانت متوترة، بسبب ملف المفاوضات، الذي ضغطت خلاله النهضة، لإشراك قلب تونس في الحكومة، و استمرت ضغوطها حتى بعد المصادقة على الحكومة أمام رفض مستمر من رئيس الحكومة. – رفض رئيس الحكومة تعيين أي مستشار من النهضة في رئاسة الحكومة، على الرغم من وعده لها أثناء المفاوضات، و ميله في التنسيق داخل التركيبة الحكومية مع طرفين( التيار الديمقراطي و حركة الشعب) على حساب النهضة، التي وجدت نفسها معزولة من داخل الحكومة. – التحالف الموضوعي بين قيس سعيد و الياس الفخفاخ، على حساب الغنوشي، جعل النهضة معزولة في مؤسسات الدولة، خاصة مع تكرار استبعاد الغنوشي من جملة من اللقاءات دعا إليها رئيس الجمهورية. – شبهة “تضارب المصالح” التي وجَهت لرئيس الحكومة، من طرف النائب ياسين العياري في البداية، ثم أكدها رئيس هيئة مكافحة الفساد شوقي الطبيب، و التي جعلت رئيس الحكومة، يفقد جزء كبيرا من صورته الأخلاقية كشخصية نزيهة جاءت لمحاربة الفساد. – خطاب المائة يوم في البرلمان و الذي ظهر فيه رئيس الحكومة متعاليا، وَجه كلاماً غير لائق، لمنتقديه في ملف تضارب المصالح ، عجل في تشكل كتلة رافضة لاستمراره على رأس الحكومة، و أعطت المبرر لذلك. – تفَكك الحكومة، و غياب التضامن بين مكَوناتها، و تصويت مكَوناتها  ضد بعضها البعض في البرلمان، و خاصة منها تصويت ممَثل حزب التيار الديمقراطي في مكتب المجلس على تمرير لائحة عبير مُوسي للجلسة العامة، و التي جاءت تحت عنوان” تجريم الانتماء لحركة الاخوان المسلمين و اعتبارها حركة ارهابية“، و الذي اعتبرته النهضة استهدافا مباشرا لها. – انعكاسات بعض الملفَات الاقليمية، و على رأسها الملف الليبي، و الموقف منه، و الذي كان أحد أهم عناوين التباين داخل الحكومة بين النهضة و بقية المكونات ، خاصة حركة الشعب. – موقف مجلس شورى حركة النهضة بسحب الثقة من حكومة الفخفاخ، و تقديم لائحة لهذا الغرض من طرف كتلة النهضة، مع كل من كتلة قلب تونس، و كتلة ائتلاف الكرامة، و كتلة المستقبل، إذ جمعت 105 توقيع من أصل فقط 73 مطلوبة لتقديم اللائحة.(سحب الثقة يحتاج 109 صوت). – ضغط رئيس الدولة في الأمتار الأخيرة على رئيس الحكومة للاستقالة، لإبقاء المبادرة الدستورية بيده. 2- التوقعَات والسيناريوهات: السيناريو الأول :نجاح الشخصية الأقدر، التي يعَينها رئيس الدولة في تشكيل حكومة تحظى بتزكية البرلمان في أجل لا يتجاوز الشهرين من موعد التكليف، إذ يحتاج المكلف لتصويت 109 نوَاب في البرلمان لتمرير حكومته. ضمن هذا السيناريو، ستسعى النهضة لإبقاء المبادرة بيدها، بعد نجاحها في فرض الاستقالة على الفخفاخ، بتشكيل جبهة برلمانية، ستسعى أن يكون فيها ( قلب تونس- ائتلاف الكرامة – كتلة الاصلاح- كتلة المستقبل – التيار الديمقراطي، و تحيا تونس) أي قرابة 140 نائباً، على أن يكون ائتلاف الكرامة، حركة الشعب، و الدستوري الحر في المعارضة، و فك الارتباط بين التيار الديمقراطي، و حركة الشعب، لعلم النهضة أن التيار مهدد بالانقسام في حالة تعَنت أمينه العام محمد عبو ، ورفضه المشاركة في الحكم. و ستحاول النهضة من خلال تشكل هذه الجبهة -إن نجحت في ذلك-، فرض اسم رئيس الحكومة الجديد على رئيس الدولة، يكون في الغالب أحد الأسماء التالية:( فاضل عبد الكافي- خيام التركي -حكيم بن حمودة- رضا بن مصباح- حبيب كشو…). في المقابل، قد يدفع رئيس الدولة لتشكيل حكومة كفاءات مستقلة، متخَففة العدد، و مدعومة من الأحزاب من خارجها و قد يقبل بحكومة سياسية، شريطة أن تكون فيها حركة الشعب و التيار الديمقراطي، و قد نجد أنفسنا أمام حكومة الفخفاخ (2)، لكن بشخصية أخرى على مستوى القيادة. قد يحصل أن تتشَكل حكومة دون النهضة -و ان كان مستبعداً- في حالة تغيير قلب تونس لموقفه أثناء المفاوضات، و بالتالي قبوله المشاركة في الحكومة، دون الارتباط بحركة النهضة. السيناريو الثاني : فشل الشخصية الأقدر في تشكيل حكومته في الآجال الدستورية(شهرين)، و بالتالي حلَ البرلمان من طرف رئيس الدولة، و الدعوة لانتخابات مبكرة، في أجل أقصاه ستة أشهر. هذا السيناريو يحصل في حالة إصرار رئيس الدولة، على عدم إشراك قلب تونس( كما كان شرطه مع الفخفاخ)، أو تصادمه المباشر مع حركة النهضة على شخصية رئيس الحكومة المكَلف، و خاصة نجاح الأطراف التي أودعت لائحة بسحب الثقة من رئيس البرلمان في مسعاها. نرجَح أن تبقى البلاد ضمن السيناريو الأول، و لكن في كل الحالات، فإن الرمال جَد متحركة، و البلاد مفتوحة على أزمة لن تهدأ حتى بالمصادقة على الحكومة الجديدة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق