أخبارعام

إقالة نادية عكاشة نتيجة صراع الأجنحة في قصر قرطاج

أثارت الاستقالة المفاجئة،التي تقدّمت بها مديرة الديوان الرئاسي في تونس نادية عكاشة جدلا واسعا ،وعلامات استفهام كبيرة في الأوساط السياسية، حول ظروف استقالتها وأسبابها.
وقد أعلنت “عكاشة” ليلة أمس استقالتها عبر تدوينة على حسابها في “فيس بوك” قائلة: “قرّرت اليوم تقديم استقالتي للسيد رئيس الجمهورية من منصب مديرة الديوان الرئاسي بعد سنتين من العمل”. وتابعت “لقد كان لي شرف العمل من أجل المصلحة العليا للوطن من موقعي بما توفر لدي من جهد إلى جانب السيد رئيس الجمهورية” وبرّرت عكاشة استقالتها ب “اختلافات جوهرية في وجهات النظر المتعلّقة بالمصلحة الفضلى للوطن” دون تحديد طبيعة الاختلافات.
و تُعدّ “عكاشة” أحد أبرز الوجوه الرئيسة في القصر التي كان يعتمد عليها الرئيس قيس سعيّد، وكانت “عكاشة” أحد عرّابي الانقلاب الذي قام به سعيّد في ٢٥ يوليو(تمّوز)، وهيّ كانت حاضرة في جميع لقاءات وأنشطة الرئيس، مما جعل الشارع التونسي مستغربًا من استقالتها المفاجئة والتي بررّتها باختلاف وجّهات النظر.
وقد حصلت “كواليس” على معلومات تفيد بأن الاستقالة التي قدمتها “عكاشة” كانت بسبب صراع محتدم داخل “قرطاج” بين ثلاثة أجنحة، الجناح الأوّل: يترأّسه وزير الداخلية “توفيق شرف الدين ” ،والثاني: التابع لنادية عكاشة مديرة الديوان الرئاسي، أما الجناح الثالث: فهو الجيش التونسي برئاسة وزير الدفاع الوطني عماد مميش.
وقد أُصدِر في الجريدة الرسمية التونسية صباح ( الثلاثاء)٢٠٢٢/١/٢٥، مرسومًا من رئيس الجمهورية يفيد بإقالة مديرة الديوان الرئاسي من منصبها، مما طرح تساؤلات منطقيّا: هل استقالت عكاشة أمّ إقيلت؟! وهل يعني ذلك بدء صراع الأجنحة داخل “قرطاج”؟

خفايا ودلالات الاستقالة أو الإقالة

قدّم رئيس حزب المجد “عبد الوهاب الهاني”، قراءة لإقالة عكاشة،في تدوينة نشرها عبر حسابه بموقع “فيسبوك” تحت عنوان: ” خفايا ودلالات استقالة عكاشة”قال فيها: “تنسحب السَّيِّدة عكاشة بعد أن نجحت في عزل أغلب خصومها من الدِّيوان الرِّئاسي،وفي الحكومة ،وفي أجهزة الدَّولة، وعزل رئيس الجمهوريَّة داخليًّا وخارجيًّا بيد من حديد، وبعصابات افتراضيَّة، وأقلام وأصوات إعلاميّة لنهش أعراض خصومها داخل الدَّولة وخارجها وتشويههم، وعلى حساب الدَّولة.. وبلغ الأمر حدَّ تهديد المصالح العليا للدَّولة، عبر إقالة وإهانة سفيريْن لتونس لدى المنتظم الأممي ،وتونس تحمل أمانة عضويَّة مجلس الأمن الدُّولي.. وبعض هاته القضايا لا يزال منشورا أمام القضاء”.
وأضاف الهاني: “تنسحب السَّيِّدة عكاشة لفائدة شق الوزير شرف الدِّين وحليفه الجارندي، واللُّوبيات الأمنيَّة والجهويَّة والماليَّة والإيديولوجيَّة الَّتي تقف وراءه، ولكن أيضا لفائدة سطوة العائلة والدَّور المتصاعد لعائلة الرَّئيس وعلى رأسها شقيقه نوفل وشقيقته وزوجته والمحيط المتسربل والمتسلِّل حولها..
تنسحب السَّيِّدة عكاشة في الوقت الَّذي تعيش فيه الدَّولة والإدارة حالة شلل تام، وتواجه فيه البلاد أحد أشرس الأزمات في تاريخها منذ الاستقلال بغياب الدُّستور وغياب البرلمان لأوَّل مرَّة في التَّاريخ، في أزمة شاملة خانقة متعدِّدة الأبعاد المُؤسَّسيَّة والسِّياسيَّة والاقتصاديَّة والاجتماعيَّة والأمنيَّة، مع تصاعد العزلة الخارجيَّة”.

وكشف الكاتب والناشط السياسي التونسي( مرسل الكسيبي)، أن استقالة عكاشة أعلن عنها بشكل متأخّر،إذ إنّها قدّمت قبل حوالي عشرة أيام ، وجاءت مباشرة بعد ماجرى يوم 14 جانفي ( يناير) ، فثمة حالة هلع أصابت الكثيرين في القصر من ردة فعل المجتمع الدولي، وحتى الشارع التونسي على مألأت الوضع، إثر القمع الوحشي الذي واجه به قيس سعيّد وتوفيق شرف الدين المتظاهرين العزّل.وأشار الكسيبي إلى أن
المؤسسة العسكرية بحسب مصادر سياسية وجدت نفسها في حرج شديد، بعد اختطاف نور الدين البحيري وفتحي البلدي وإخفائهما بشكل قسري،وما تلا ذلك من قمع وحشي انتهى بوفاة الشهيد رضا بوزيان …
وبين الحدثين،كانت الرغبة في اعتقال رئيس البرلمان راشد الغنّوشي مؤشّرا خطيرا ، انتهى بتصدّع النواة الصلبة للمحيطين بقيس سعيّد ، إذ سجّلت المؤسسة العسكرية قلقا بالغا بحسب نفس المصادر من إدخال البلاد في حالة تطاحن، عبر تتالي القرارات المؤذنة بانهيار سريع للدولة .
الجواب جاء محذّرا لقيس سعيّد:وين ماشي بينا ؟! ، والدولة لم تعد تحتمل مزيدا من هذه القرارات ! ، فقد بات الأمر يسير باتجاه عبثي بوتيرة أسبوعية!

وحول إقالة عكاشة، فقد وصفها الكسيبي بأنها، أي عكاشة ” مثّلت دائما حالة خاصة ومثيرة للجدل، حيث إنّها عمدت إلى كسر كل الأعراف والنواميس التي تتعلّق بخطة مدير الديوان الرئاسي في البلاد، لتنصّب نفسها في موضع المرافق لقائد الانقلاب في كل أنشطته وحلّه وترحاله، حتى تلك المتعلّقة بمقابلة الرؤساء وكبار الشخصيات، فضلا عن حضورها اجتماعات مجلس الأمن القومي، متجاوزة دورها في الجانب الإداري بالقصر ،إلى تحديد السياسات العريضة للدولة وعلاقاتها الخارجية، ما جعلها أسهل الأهداف استخداماً من قبل الثورة المضادة ،لتكون الطُعْم المناسب لتشويه الحياة السياسية ودفع الدولة نحو الانهيار”.

وعن قراءته لما تحمله التطوّرات القادمة، قال الكسيبي:” المؤكّد أن الأيام القادمة ستحمل ملفّات وحقائق متعلّقة بحرب العصابات التي ارتفع ضجيجها، وتجاوز جدران القصر، لتطرأ على مسامع السياسيين، وتنطلق صوب العامة، ليقف الانقلاب عاجزاً في انتظار رد الفعل، لكنه أصبح خالي الوفاض ولا يجد ساتراً لتخفيف حدة الخيبات التي تلاحقه على أمل أن يرتّب صفوفه، نحو استكمال ديكتاتوريته الناشئة”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق